446 - 4 وقال في فلك الفص الأسحقي: عالم المثال المطلق أمر بين عالم الأرواح وعالم الحس، فهو المنزل الثالث من غيب الهوية وظهور الوجود فيه أتم منه في عالم الأرواح، وفي عالم الحس تم ظهور الوجود، ولذا كان العرش المحيط الذي هو أول الصور المحسوسة مقام الاستواء الرحماني.
447 - 4 وقال فيه: وكلما يتجسد فيه يكون مطابقا لما في العلم، ونسبة عالم المثال إلى صورة العالم الذي هو مظهر للاسم (الظاهر) نسبة ذهن الانسان وخياله إلى صورته، وروح صورة العالم من وجه مظهر الاسم (الباطن) فالتجسد ثمة لما لا صورة له من الأمور المعقولة هو الاسم (الباطن) ولا نقص في العلم هناك ولا في القوة التي القوة المصورة من الانسان نسخة منها، فان الحق ذو القوة المتين فلا يتجسد هناك شئ الا بحسب ما علم، فوجبت المطابقة، وكذا الامر في العقول العالية والنفوس.
448 - 4 اما المتوسط بين نشأة الانسان العنصرية وبين روحانيته (1) ومعناه، فهو عالم الخيال المقيد، والصورة الظاهرة فيه يكون بحسب نسبة ذي الخيال من الطرفين، فان قويت نسبته إلى عالم الأرواح وما فوقها، كانت تخيلاته واعتقاداته حقة، أو إلى عالم الحس بغلبة احكام الصور كانت تخيلاته يقظة ومناما فاسدة وآرائه غير صائبة فسميت أضغاث أحلام.
449 - 4 وذلك (2) لان كل من غلب عليه الصفات التقييدية واحكام الانحرافات الخلقية والمزاجية لا يدرك مشرع خياله من عالم المثال، وإن كانت الوصلة غير منقطعة، ومن انتهى في سير خياله إلى طرفه المتصل بعالم المثال المطلق حتى يتأتى له التجاوز إليه، فإنه يدرك منه ما شاء الحق ان يريه منه، بل قد يخرج إلى عالم الأرواح ثم إلى فسيح حضرة العلم فيستشرف على جملة من الكوائن المقدر ظهورها في عالم اخر، لذلك قال عليه وآله السلام: أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا.