الحضرة الوجوبية لانتسابه إلى مظهرية اللوح الغالب عليه حكم تلك الحضرة، وبين حكم الكثرة الامكانية أو قل: العلمية، لتضاعف احكام التنزل والتلبس بقابلية الظهور بأكثف صور التركيب والطفها، كان له مناسبة بالحضرة العمائية، فكان محل كينونته حضرة من الحضرات العلمية التي نسبتها إلى طرف الوجوب والامكان على السواء.
438 - 4 وتلك الحضرة مسماة بعالم المثال والخيال المنفصل الذي نسبته إلى غيب عالم الأرواح ومحلية بساطة صورها وإلى شهادة عالم الحس ومحلية تركيب صورها على السواء، ولان الغالب على الحياة والعلم حكم الوحدة والاجمال، لعدم توقف تحققها على الكثرة والتفصيل، وعلى الإرادة والقدرة اثر الكثرة والتفصيل، لتوقف تعينهما على حكم التميز، كان الفعل منسوبا إلى مظهري الحياة والعلم من أركان الهباء، وهما الحرارة والبرودة، والانفعال منسوبا إلى مظهري الإرادة والقدرة وهما الرطوبة واليبوسة، فلما حصل بينهما امتزاج لطيف خفيف كان اسم الطبيعة نتيجة ذلك الامتزاج، ثم انبسطت الطبيعة بحكم محلها الذي هو عالم المثال انبساطا تاما وحدانيا وتصورت بأقرب صورة إلى الوحدة والبساطة التي هي الاستدارة، فتعين اسم البارئ صورة العرش محيطا بجميع عالم الصور والملك.
وسيجئ تمام تقريره - إن شاء الله -.
439 - 4 اعلم انك تحتاج لتصور عالم المثال إلى نقل ما ذكره الشيخ قدس سره في تحقيق عالم المثال المطلق وتعينه ونسبة المثال المقيد إليه، ففيه فوائد، إذ يتفرع عليها ضابطة صدق الرؤيا وضابطة احتياجها إلى التعبير وعدمه وضابطة سرعة وقوع حكمها وبطئه، فالشيخ قدس سره لما أراد بيان ذلك في فك الفص اليوسفي قدم له مقدمات:
440 - 4 المقدمة الأولى: ان النور المحض لا يغاير الوجود الحق المحض الذي يتعقل في مقابلته العدم وله الظلمة، كما أن الوجود له النورية.
441 - 4 المقدمة الثانية: ان الممكن يوصف بالظلمة من أحد وجهيه الذي يلي العدم