وانما صار ينبوعا للتجليات الوجودية، لأنه حضرة تجليه الذاتي ومنزل تعينه الأولى وتدليه من الغيب الاطلاقي، فإنه أول مراتب التجلي والتعين والتدلي مجملا في التعين الأول ومفصلا علميا في التعين الثاني، لأنه حضرة الارتسام والمعانى، فيكون بالنسبة إلى غيب الهوية وحجاب عز الآنية مقام التنزل الرباني، لأنه جامع لوجوهه جمعا وتمييزا ومنبعث الجود الذاتي الرحماني لانبعاث الوجود العام منه ذاتا أو تعلقا.
492 - 3 وانما ورد في الحديث بلفظ العماء لأنه في اللغة السحاب الرقيق المتولد من البخار، ويعتبر فيه بعد كونه بخارا متكاثفا، ان من أنواعه النفس الإنساني المعتبر فيه كونه منبعثا من الغيب ومتعينا بالتعين الاجمالي الصالح لان يكون موردا لكل تعين تفصيلي باعتبار المحال القابلة أو المراتب المتفاصلة وكون المنشئ منه الحروف والكلمات، فلما كان أعيان الموجودات كلمات الله وحروفه وورد في الحديث لأصلها هذا اطلاق العماء ونفس الرحمن، سميت هذه المرتبة بالعماء باعتبار برزخيته ومنبعثيته والنفس الرحماني باعتبار انبساطه، كما سمى التجلي الذي فيها رحمانيا باعتبار الوجود الصوري وظهوره لنفسه، واما الاسم (الاله): فقيل: اسم لمرتبة الألوهية، والظاهر أنه اسم الوجود والتجلي باعتبار تلك المرتبة الجامعة (1).
493 - 3 ثم نقول: وفي مرتبة العماء يتعين ويحصل مرتبة النكاح الأول من النكاحات الخمس الآتي ذكرها، وهو النكاح الغيبي الأزلي الفاتح لحضرات الأسماء الإلهية، والمراد بالنكاحات الاجتماعات المنتجة، كما ينتج اجتماع الأسماء الإلهية الحقائق والمعانى، واجتماع المعاني الأرواح، واجتماع الأرواح الأمثلة والأجسام الطبيعية البسيطة العنصرية وغيرها،