- كعكسه باعتبار التعين العلمي - وأي كمال أعلى من الوجود الذاتي الوجوبي الاحدى المحيط بجميع محتملاته؟ ولذا كان حياته وقدرته، إذا اعتبرنا في ذاته من حيث هو على كمال اطلاقها، وقد مر في الأصل الرابع: ان المطلقات التامة إذا تلا حقت اتحدت فيكونان عين علمه، وعلمه بالأشياء أزلا عين علمه بنفسه بمعنى انه علم الأشياء بعين علمه بنفسه - لما سبق في الأصل الثالث - ويتحد فيه المختلفات، كابصار المتعددات بالنسبة إلى البصر (1)، وقد مر في الأصل الثاني.
507 - 3 وتنبعث منه المتكثرات، لكن لا من حيث إنه واحد وانه وجود، بل من حيث علمه بالأشياء الذي هو عين علمه بنفسه، لكن دون ان يحويه المنبعثات أو يحويها، لما مر في الأصل الثاني من امتناع ظرفيته ومظروفيته، ودون ان يبديه الكائنات عن بطون متقدم، لان بطونه وظهوره بالنسبة إليه عينه، وانما يتميز ان في عقولنا بالنسبة إلينا، إذ لولا ما يسمى غيرا لم يتحقق من له الظهور ومن عنه البطون، فهما نسبتان لا تتحققان بدون المنتسبين و دون ان يفرز الأشياء من نفسه، لما مر فيه انه لا يتجزئ، بل كل ما يسمى شيئا كان ما كان فهو صورة نسبة من نسب علمه ويسمى تجليا مخصوصا.
508 - 3 ولما علم أن الحقيقة المطلقة وان لحقها نسب وقيود فسميت بسببها حصة لا يخرج بذلك عن أن يكون هي هي، فكونها هي هي أعني وحدتها الذاتية وتعينها الذاتي باقية مع تلك الكثرة، ولذا قال مترجم حقيقة الحق - لما سمع كان الله ولا شئ معه -: والآن كما كان عليه، فوحدته عين كل كثرة وبساطته عين كل تركيب اخر أو أول مرة، إذ الغيرية حكم اعتبار التعينات والقيود لكل وجود في كل موجود.
509 - 3 فان قلت: الوحدة ضد الكثرة، فاثبات إحداهما في قوة سلب الأخرى، فالحكم باجتماعهما تناقض - فضلا عن اتحادهما -