مصباح الأنس بين المعقول والمشهود - محمد بن حمزة الفناري - الصفحة ١٣٨
224 - 3 ثم نقول (1): ومنشأ (2) الأثر الإلهي لإيجاد العالم الذي هو ينبوع (3) جميع الآثار ومعدنها الذي يسرى الآثار منه، هو باعث المحبة الإلهية المستفادة من قوله تعالى:
فأحببت ان اعرف، الظاهرة (4) الحكم في الوجود العام، المقترن بأعيان الممكنات، وهى (5) محبة كمال الجلاء والاستجلاء المعبر عن حكمه تارة بالعبادة واخرى بالمعرفة، كما فسر قوله تعالى: وما خلقت الجن والإنس الا ليعبدون (56 - الذاريات) بها.
225 - 3 اما (6) تفسير الكمالين فما قال الشيخ قدس سره في التفسير: ان كمال الجلاء (7) هو كمال ظهور الحق بالانسان الكامل، وكمال الاستجلاء عبارة عن جمع الحق بين شهود نفسه بنفسه في نفسه وفيما (8) امتاز عنه، فيسمى بسبب الامتياز غيرا (9) ولم يكن

(1) - تفصيل المقام في الفصل الأول من الباب - ق (2) - مبتدأ خبره هو باعث لمحبة الإلهية - ش (3) - قوله: الذي هو ينبوع: صفة للأثر الإلهي وكذلك قوله: الذي يسرى الآثار... إلى اخره، صفة له، أي منشأ توجه الحق لإيجاد العالم هي المحبة الإلهية التي هي باعثة على التوجه والطلب والظهور متعلقة بكمال الجلاء والاستجلاء، فإضافة الباعث إلى المحبة الإلهية بيانية كما يدل عليه قوله فيما بعد، واما كون التوجه الايجادي الذي محبتها باعثة عليه... إلى اخره، ويحتمل ان يكون الإضافة للمغايرة بتقدير اللام على أن يكون المراد بالباعث المنشأ هو التجلي الذاتي الكمالي الاطلاقي الموجب للعلم بشهود كمال الجلاء والاستجلاء والتوجه يجئ بهما فالتجلي الحبى منبعث منه ويزول عنه ذلك الاحتمال ما ينقل عن الشيخ في التفسير وهو قوله: ان الحق تعالى لما علم كل شئ من عين علمه بذاته نظر... إلى اخره، وإليه يشير أيضا قوله في التفسير: ان مبدأ التوجه الإلهي للايجاد صدر من علمه ينبوع الوحدة بأحدية الجمع وتعلق بكمال الجلاء والاستجلاء المعبر عن حكمه تارة بالعبادة وتارة بالمعرفة وهو قوله تعالى: وما خلقت الجن والإنس الا ليعبدون، بالتفسيرين، والظاهر بهذا التوجه من غيب الحق هو الوجود المنبسط على الأعيان لا غير، انتهى، ولكن الظاهر من كلمات الشارح المحقق هو الاحتمال الأول، فافهم - ش (4) - قوله: الظاهرة الحكم: صفة للمحبة الإلهية، حاصله: ان منشأ الأثر الإلهي لإيجاد العالم هو باعث المحبة الإلهية الظاهرة الحكم في الوجود المقترن بأعيان الممكنات، يعنى ان السبب للايجاد الطلب الذي تضمنه التجلي الحبى الإلهي وطلب الحقائق الكونية من الحق تعالى بحكم ما سرى فيها من اثر التجلي الحبى ظهور أعيانها وما فيه كمالها على حسب استعدادها وقبولها للتجلي الوجودي، فحينئذ حصلت المقدمتان الطلب الإلهي الذي تضمنه التجلي بصفة الفعل، والاخرى الطلب الاستعدادي الكوني بصفة القبول، فحصلت النتيجة - ش (5) - أي المحبة الإلهية - ش (6) - متعلق بفسر، أي كما فسر قوله: وما خلقت الجن... الآية، بالمعرفة - ش (7) - أي حضرة وحدانيته - ش (8) - عطف على في نفسه، أي بين شهوده نفسه فيما امتاز عنه - ش (9) - قوله: وكمال الاستجلاء، ليس مطلق جمع الحق جل اسمه بين شهود نفسه بنفسه في نفسه فيما امتاز عنه كمال الاستجلاء ولا مشاهدة الغير نفسه بنفسه مطلقا مربوطا به، بل الحق ان كمال الاستجلاء عبارة عن مشاهدة الحق نفسه باسمه الجامع في المرآة الأتم، أي الانسان الكامل، فظهور الحق في المرآة الأتم كمال الجلاء وشهود نفسه في تلك -
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»
الفهرست