228 - 3 واما بعث محبتهما (1) وكونهما محبوبا، فبناء على ما ذكر فيه أيضا: ان الحق تعالى لما علم كل شئ من عين علمه بذاته (2)، نظر بعلمه الذي هو نوره (3) في حضرة غيب ذاته، نظر تنزه في الكمال الوجودي الذاتي المطلق الذي لا يتوقف ثبوته له على أمر خارجي، إذ ما ثمة ما يخرج عنه، وشاهد بالنظر المذكور كمالا اخر مستجنا في غيب هويته غير الكمال الأول، فإذا رقيقة متصلة بين الكمالين اتصال تعشق تام وهو (4) كمال الجلاء والاستجلاء (5) فاستتبعت تلك النظرة العلمية المقدسة عن احكام الحدوث من حيث النسبة الشهودية المعبر عنها بالاسم البصير، انبعاث تجل غيبي اخر، فتعين ذلك التجلي لنفسه متصفا بصفة حبية (6) متعلقة بما شاهده العلم يطلب ظهوره لتقدم مرتبة العلم على مرتبة المحبة، إذا المجهول لا يحب.
229 - 3 ولان التجلي بالباعث الحبى مقدمة واحدة (7)، والواحد في مقام وحدانيته لا ينتج الكثرة والكمال (8) المطلوب لا يحصل بدون الكثرة، وما لا يحصل المطلوب الا به فهو مطلوب، عاد حكم التجلي يطلب مستقره من الغيب المطلق، إذ من نسبة التجلي يتقلص إلى أصله عند انقضاء حكمه لعدم مناسبة عالم الكثرة، كما في التجليات التفصيلية العائدة إلى الغيب بعد التلبس باحكام المتجلى له، وكمال في انسلاخات أرواح الكمل عن النشآت بعد الاستكمال بها، وكما في التصورات، فحصل بهذا العود دورة مقدسة شوقية سرى حكمها