بعض السلف: " الايمان نصفان: نصف صبر، ونصف شكر. قال تعالى: (إن في ذلك لايات لكل صبار شكور ".
والصبر من الايمان، بمنزلة الرأس من الجسد. وهو ثلاثة أنواع: صبر على فرائض الله، فلا يضيعها. وصبر عن محارمه، فلا يرتكبها. وصبر على أقضيته وأقداره، فلا يتسخطها.
ومن استكمل هذه المراتب الثلاث: استكمل الصبر ولذة الدنيا والآخرة ونعيمهما (1)، والفوز والظفر فيهما - فلا يصل إليه أحد إلا على جسر الصبر: كما لا يصل أحد إلى الجنة إلا على الصراط. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " خير عيش أدركناه بالصبر ".
وإذا تأملت مراتب الكمال المكتسب في العالم: رأيتها كلها (منوطة بالصبر وإذا تأملت النقصان - الذي يذم صاحبه عليه، ويدخل تحت قدرته -: رأيته كله) (2) من عدم الصبر. فالشجاعة والعفة والجود والايثار - كله صبر ساعة:
فالصبر طلسم على كنز العلاء، * من حل ذا الطلسم: فاز بكنزه وأكثر أسقام البدن والقلب، إنما تنشأ من عدم الصبر. فما حفظت صحة القلوب والابدان والأرواح، بمثل الصبر. فهو: الفاروق الأكبر، والترياق الأعظم. ولو لم يكن فيه إلا معية الله مع أهله: فإن الله مع الصابرين، ومحبته لهم: فإن الله يحب الصابرين، ونصره لأهله: " فإن النصر مع الصبر " (3)، وأنه خير لأهله: (ولئن صبرتم لهو خير للصابرين) (4)، وأنه سبب الفلاح: (يا أيها الذين آمنوا، اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون) (5).