فتواعدوا للمباهلة.
فهذا الحدث. لم يكن ليتم في الخفاء، ولأن هذا الاجتماع سيترتب عليه نتيجة حاسمة. فلا بد أن يشهده كل من سمع بموعده سواء أكان من المكذبين أو من المؤمنين أو غيرهم. وبين هؤلاء يوجد الحبشي والفارسي والرومي والنجراني إلى غير ذلك من الأجناس. باختصار كانت العالمية ممثلة بصورة أو بأخرى لمشاهدة هذا الحدث. ويروي أصحاب التفسير بالمأثور. إن رؤساء النصارى قالوا لبعضهم بعد أن اتفقوا على موعد المباهلة: إن باهلنا بقومه باهلناه. فإنه ليس نبيا. وإن باهلنا بأهل بيته خاصة لم نباهله. فإنه لا يقدم إلى أهل بيته إلا وهو صادق. فمن هم الذين جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ روى الإمام مسلم في صحيحه عن سعد بن أبي وقاص قال: لما نزلت هذه الآية (فقل تعالوا ندع أبناء وأبناءكم) دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا. فقال: " اللهم هؤلاء أهلي " (1).
فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أهل بيته. قال النصارى: من هؤلاء؟ فقيل لهم: هذا ابن عمه. وهذه ابنته فاطمة وهذان ابناه الحسن والحسين. ففرقوا. فقالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: نعطيك الرضا.
فاعفنا من المباهلة فصالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجزية وانصرفوا.
قال صاحب تحفة الأحواذي: دعا عليا فنزله منزلة نفسه. وفاطمة لأنها أخص النساء. وحسنا وحسينا فمنزلتهما بمنزلة ابنيه صلى الله عليه وسلم (2)، وسئل يحيى ابن معمر. هل كان الحسين من ذرية النبي صلى الله عليه وسلم. وإذا كانت الإجابة. نعم. فكيف والنبي لم يعقب. وإنما العقب