فيهم قول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله (هم العدو فاحذرهم) (1).
والنفاق له مدرسة على مساحة أهل الكتاب قال تعالى عن المنافقين منهم: (وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون) (2). وقال تعالى: (وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ) (3).
فالنفاق تمتد عروقه إلى الماضي السحيق. وهو أول تيار سري على صفحة الجنس البشري. عمل من أجل إعاقة الطريق أمام العبادة الحق لحساب الأهواء المتعددة، وهذا التيار يحتوي بين دفتيه على جميع الأنماط البشرية من الذين استذلهم الشيطان. يحتوي على الرعاع والغوغاء والدهيماء. وفي نفس الوقت يضم أصحاب الملابس النظيفة والياقات البيضاء، أصحاب الأموال والأولاد وفصاحة اللسان. يقول تعالى: (وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة) (4). فهم أصحاب أزياء حسنة، وصباحة في المنظر، وتناسب في الأعضاء. إذا رآهم الرائي أعجبته أجسامهم، وإذا سمع السامع كلامهم مال إلى الاصغاء إلى قولهم. لحلاوة ظاهره وحسن نظمه، ورغم كل هذا إلا أن الحقيقة، أن هؤلاء كالخشب المسندة. أشباح بلا أرواح، لا خير فيها ولا فائدة، لأنهم لا يفقهون. وكيف يفقه من صد عن سبيل الله بكل ما يملك من الأموال وأولاد. قال تعالى: (فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم * إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون) (5). أخبر سبحانه بأن أموالهم وأولادهم ليس من النعمة التي تهتف لهم بالسعادة، بل من النقمة التي تجرهم إلى الشقاء. وأبواب الشقاء مفتوحة لجميع من أعرض عن ذكر الله، قال تعالى: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم