عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون) (1).
لقد عبدوا الملائكة، وساروا بلجام الاحتناك وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم. إنه فقه الصم البكم العمي، لأن عبادتهم للملائكة لو كانت بمشيئة الله وبرضاه، ما جاءهم رسول من الله يدعوهم إلى عبادة الله وحده وأن يوحدوه ولا يعبدوا الشركاء. ثم إنهم لا حجة لهم على عبادة الملائكة، لا من طريق العقل ولا من طريق النقل فلم يأذن الله فيها. ولا دليل لهم على حقية عبادتهم سوى أنهم متشبثون بتقليد آبائهم وفي درب آخر من دروبهم فعلوا الفواحش وقالوا وجدنا عليها الآباء والله أمرنا بها. وذلك افتراء على الله وقول بغير علم لعدم انتهائه إلى وحي.
إن الله تعالى أعدل من أن يجبر عبدا على فعل ثم يعذبه عليه، والله جل شأنه لو كان مجبرا لعبده على فعل ما برأ من أفعال المشركين قال سبحانه: (أن الله برئ من المشركين) (2). فهو سبحانه لم يتبرأ من خلق أبدانهم وإنما تبرأ من شركهم وقبائحهم. قال تعالى: (فإن عصوك فقل إني برئ مما تعملون) (3)، وقال: (قال إني أشهد الله واشهدوا أني برئ مما تشركون) (4).
إن طابور الشرك والكفر والاحتناك لا علم عنده، لأن المعارف الحقة والعلوم المفيدة لا تكون في متناول البشر إلا عندما يصلح أخلاقه. والطريق الوحيد لإصلاح الأخلاق والحصول على الملكات الفاضلة هو التوحيد الحق في العبادة الحق.
وإذا كان للمشركين والكفار في مكة عمود في دائرة النجس. فإن للمشركين والكفار من أهل الكتاب عمود عتيق في هذه الدائرة. لأنهم حملوا