به. وجاءوا إلى عمر بن الخطاب، وأعطوه الخط، فأبى ومزقه. وقال: هذا شئ كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطيكموه. تأليفا لكم على الإسلام. وأغنى عنكم. فإن ثبتم على الإسلام. وإلا فبيننا وبينكم السيف فرجعوا إلى أبي بكر فقالوا: الخليفة أنت أم عمر؟ بذلت لنا الخط فمزقه عمر، فقال: هو إن شاء.
وأمضى ما فعله عمر (1).
يقول ابن قدامة: ولنا كتاب الله وسنة رسوله. فإن الله تعالى سمى المؤلفة في الأصناف الذين سمى الصدقة لهم والنبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله تعالى حكم فيها فجزأها ثمانية أجزاء "، وكان النبي صلى الله عليه وآله يعطي المؤلفة كثيرا في أخبار مشهورة. ولم يزل كذلك حتى مات، ولا يجوز ترك كتاب الله وسنة رسوله إلا بنسخ. والنسخ لا يثبت بالاحتمال. ثم إن النسخ إنما يكون في حياة النبي صلى الله عليه وسلم لأن النسخ إنما يكون بنص.
ولا يكون النص بعد موت النبي صلى الله عليه وآله وانقراض زمن الوحي.
ثم إن القرآن لا ينسخ إلا القرآن وليس في القرآن نسخ كذلك ولا في السنة.
فكيف يترك الكتاب والسنة بمجرد الآراء والتحكم فكيف يتركون به الكتاب والسنة؟ (2).
واعتذروا عما فعله عمر وقالوا: إن الله سبحانه فرض في أول الإسلام عندما كان المسلمون ضعافا عطاءا يعطي لبعض من يخشى شرهم ويرجي خيرهم تألفا لقلوبهم. غير أن الإسلام لما اشتد ساعده وتوطد سلطانه رأى عمر بن الخطاب حرمان المؤلفة قلوبهم من هذا العطاء المفروض لهم بنصوص القرآن!!
نقول: لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة يوم إن كان الوحي يدافع عنه أي: كان يعطيهم من موقع القوة. لفتح الطريق بتحطيم الأصنام داخل نفوسهم.
ويصل النور إلى عقولهم فتحتضنه الفطرة. وتحطيم الأصنام له وجوه.