ثانيا - دائرة الرأي بعد السقيفة فتحت أولى صفحات دائرة الرأي. وهي دائرة تقوم على الشهادتين وعلى احترام شعائر الدين. لكنها لا تعرف السلطة الدينية ولا تعترف بها ولا تحبذ الالتزام بالمثاليات الدينية والنواحي الإدارية والسياسية وكان همها الأكبر قوة الدولة واستقرارها... وذلك لأن الحكم في دائرة الرأي أساسه رضا الناس واختيارهم فالأمة عنده هي الأصل.
وكما بينا من قبل أن أحداث السقيفة - في رأينا - جاءت بعد أن تبين كبار الصحابة ما يحيط بالدعوة من مكائد وإن العرب لا تطيع عليا. ومن السقيفة خرج نظام الخلافة. والخلافة ليست نظاما إلهيا نبويا. فهي جاءت على قاعدة اختيار الصحابة. والاختيار ليس دينا بأي حال. ونحن إذا أخذنا خطوة إلى الإمام واستبقنا الأحداث نجد أن الخلافة تحولت فيما بعد إلى ملك وجبرية فإذا بحثنا عن الأسباب وجدنا أن كبار الصحابة الذي خافوا على الإسلام من أعدائه يوم السقيفة. أقاموا حصونهم على حدود من الرمال الناعمة. فلم تتمكن الحصون من التغلب على طبيعة الموروث العشائري عند العرب ولا عن الموروث الكيدي عند كفار أهل الكتاب وغيرهم. فبعد فترة تعاون الموروث العشائري مع الموروث الكيدي في مقاومة نظام الخلافة. قامت دوائر النفاق بالنخر في الجدار ثم بالإغارة عليه وفي النهاية تركاه صريعا تسفعه الرياح بعد أن انزلقت حصونه المشيدة على حافة الرمال - وفي أعماق الشقوق رفعت أعلام