وبما أن بني هاشم بيوت وللرسول بيتا فيهم، تم تحديد دائرة في بني هاشم وفي هذه الدائرة يوجد الفخر. قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" إن الله خل الخلق فجعلني في خيرهم فرقة. ثم جعلهم بيوتا فجعلني في خيرهم بيتا وخيرهم نفسا " (1). فالدائرة التي نقصدها هي دائرة النفس. أي الدائرة التي ترتبط بالروح أكثر من ارتباطها بالأرض. وترتبط بالهدف أكثر من ارتباطها بالقبائل. ومقام النفس له معالم وامتداد. وإذا أردنا أنا نضع أيدينا عليه. فلنقرأ قوله تعالى: (فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) (2) ففي هذه الآية وردت أحاديث تلقتها الأمة بالقبول. وقال فيها العلماء قولا واحدا هو: إن معنى (أنفسنا وأنفسكم)، رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي بن أبي طالب (وأبناءنا) الحسن والحسين (ونساءنا) فاطمة (3) فالفخر بعد رسول الله ترى معالمه في دائرة النفس والمتدبر في قول النبي لعلي لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق يتبين ذلك بسهولة ويسر. ولقد قدمنا فيما سبق الأحاديث الصحيحة التي أخبر فيها النبي صلى الله عليه وسلم بأن عليا أصل شجرة الرسول. وإن أولاده هم عترة الرسول. وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " كل بني آدم ينتمون إلى عصبة إلا ولد فاطمة فأنا وليهم وأنا عصبتهم " (4)، وفي رواية: " إن لكل بني أب عصبة ينتمون إليها إلا ولد فاطمة فأنا وليهم وأنا عصبتهم وهم عترتي خلقوا من طينتي ويل للمكذبين بفضلهم من أحبهم أحبه الله ومن أبغضهم أبغضه الله " (5)، واستمرارية دائرة النفس وتفضيلها على غيرها جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: " نحن خير من أبنائنا وبنونا خير من أبنائهم وأبناء بنينا خير من أبناء