ذلك معاوية بن أبي سفيان وغيره، وروى عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان " (1). وحديث الأئمة من قريش لا جدال في أنه حديث صحيح ولكن الكثير اختلف في تحديد معناه ومبناه. قال البعض: إن النسب ليس بشرط وأن الإمامة تصلح في القرشي وغير القرشي إذا كان سيجمعنا للشرائط المعتبرة. وقال البعض: إن القرشية شرط إذا وجد في قريش من يصلح للإمامة فإن لم يكن فيها من يصلح فليست القرشية شرط فيها. وقال البعض: إن النسب شرط فيها وأنها لا تصلح إلا في العرب خاصة ومن العرب فقريش خاصة. وقال في فتح الباري: وقال البعض لا تجوز إلا في بني أمية وعن بعضهم لا يجوز إلا في ولد عمر. وقال ابن حزم ولا حجة لأحد من هؤلاء الفرق. وبالغ ضرار بن عمرو فقال: تولية غير القرشي أولى لأنه يكون أقل عشيرة فإذا عصى أمكن خلعه (2) وقال البعض إنها في العباس وولده من بطون قريش كلها. وقال البعض الآخر: إنها في الفاطميين.
وقال آخرون: تجوز في غير الفاطميين من ولد علي بن أبي طالب وهناك من جعلها في محمد بن الحنفية وولده، ومنهم من نقلها منه إلى ولد غيره. قال البعض: إنها سارية في ولد الحسين في أشخاص مخصوصين.
وهذا الاختلاف ليس معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم قد ترك أمته ولم يبين لهم وجه الصواب في هذه المسألة. لقد بين وساق الناس إلى الصراط المستقيم. ولكن السياسة كان لها أقوال وأفعال وإليها يعود كل اختلافات الأمة.
وعلى أي حال فكل فريق وكل طائفة لديه أصوله وحججه. ولأننا نبحث هنا في المواجهة بين المهاجرين وبين الأنصار يحتم علينا البحث أن نلقي الضوء على عنوان " الأئمة من قريش ".
ونحن أمام هذا العنوان يجوز لنا أن نسأل إذا كان الأئمة من قريش فما معنى قول عمر بن الخطاب: لو كان سالم مولى أبي حذيفة حيا