الطعن في حقيقة الأمر موجه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لا إلى أسامة لأن الذي أمر أسامة هو الرسول. ولهذا خطب النبي ولعن من تخلف عن البعث. وطعنهم في تأمير أسامة أجمع عليه أهل السير والأخبار وأرسلوا ذلك في كتبهم إرسال المسلمات ورواه الإمام أحمد والبخاري وغيرهما. وتأمير أسامة والأمر بخروج الجيش ربما والله أعلم يكون من باب الأخذ بالأسباب. فالرسول قال لعلي كما في الحديث الصحيح أن الأمة ستغدر به. وإن لهذا الغدر أسباب منها أنهم سيتذرعون بصغر سنه. لذا أمر أسامة على عظماء قريش وشيوخها.
وكان أسامة غلاما لم يبلغ ثماني عشرة سنة وقتئذ. كي يبين لهم ولغيرهم بأن المؤمن يجب عليه أن يسمع ويطيع ولو وجد في نفسه حرجا مما قضى النبي ويسلم تسليما وتأمير أسامة عليهم إرغام لهم على السمع له ليكون سمعهم لأسامة مدخلا تتقبله نفوسهم بعد ذلك إذا وجدوا من هو أصغر منهم سنا على رأس الخرقة. ولكن القوم فطنوا إلى ذلك فقالوا القول الذي لا يبقي للقيادة أي مزية أو فضل وإلا فما معنى الطعن في إمارة من أمره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
لقد أخلى النبي صلى الله عليه وسلم المدينة قبل وفاته بتعبئة شيوخ قريش تحت إمرة أسامة وإخلاء المدينة من هذه القوة في هذا الوقت بالذات. فيه أنه علم من ربه أن المدينة لن تهاجم من قبل الروم أو الفرس. في هذه الفترة.
لذا أمر عليه الصلاة والسلام بالبعث لعل البعث يكون فيه شفاء. قال تعالى:
(اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) (1)، قال المفسرون:
تؤذن بأن دين المسلمين في أمن من جهة الكفار مصون من الخطر المتوجه من قبلهم وأنه لا يتسرب إليه شئ من طوارق الفساد والهلاك إلا من قبل المسلمين أنفسهم وإن ذلك إنما يكون بكفرهم بهذه النعمة التامة ورفضهم هذا الدين الكامل المرضي ويومئذ يسلبهم الله نعمته ويغيرها إلى النقمة ويذيقهم لباس