أعينكم وإذا صح أخذتن بعنقه. فقال النبي: هن خير منكم " (1).
وبقي سؤال: لماذا لم يصر النبي على كتابة الصحيفة. والإجابة: لأنهم جردوه من العصمة من الضلال بقولهم: " هجر " لقد أراد أن يكتب لهم كتابا يكونوا به في مأمن الضلالة، فقالوا: الكلمة التي بها يصبح الكتاب مصدر ضلالة فلو كتب الكتاب بعد هذه الكلمة لشكك الذين في قلوبهم مرض في كل مكتوب بعد ذلك حتى كتاب الله. ولهذا قال لهم فيما رواه ابن عباس بعد أن قالوا أن نبي الله ليهجر: فقيل له ألا نأتيك بما طلبت، فقال صلى الله عليه وسلم:
أو بعد ماذا؟!! (2)، وهناك سبب آخر. وهو أنه صلى الله عليه وآله قد علم من ربه أن الاختلاف واقع لا محالة. ولقد رآهم النبي يختلفون في أمر أصدره داخل حجرته. فرجحوا بين قوله وبين قول عمر وكثر اللغط. والله تعالى أعلم ماذا كان سيحدث لو أصر النبي على كتابة الصحيفة أثناء هذا اللغو واللغط.
ولقد اكتفى صلى الله عليه وسلم بما أمر به وحذر منه على امتدار رسالته.
ودعنا نفترض أن الرسول قد كتب ما يريده. فهل تمنع الكتابة هذه الأنماط البشرية التي يعلمها الله من الكف عن مخططاتها. كلا! لقد كانوا سيعملون في وجود الصحيفة نفس علمهم في عدم وجودها. والقرآن الكريم كشف عن أنماط بشرية إذا جاءهم الرسول بآية ظاهرة. قالوا في ظهورها ما كانوا سيقولونه في عدم ظهورها يقول تعالى: (ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون * كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون) (3)، بل إن القرآن كشف عن نمط بشري أرادوا أن يبدلوا كلام الله ليكون وفقا لما يريدون قال تعالى: (سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل) (4)، إن النبي أخذ بالأسباب وهو يعلم أنه لن يمكن من كتابة