فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع فقالوا: هجر رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه " (1).
وقال في لسان العرب في معنى هجر: إذا جعلت إخبارا " هجر " فيكون المعنى أما من الفحش أو الهذيان. أما إذا كان على سبيل الاستفهام كقولهم " أهجر " يكون المعنى: هل تغير كلامه واختلط. وقال ابن الأثير: والقائل كان عمر بن الخطاب. والذي يليق بعمر أن يكون قد استفهم (2). وبالنظر فيما ورد نجد أن المسلمين الذي حضروا سماع الأمر افترقوا في الدار. لقد وقع الاختلاف بين قولين. قول النبي وقول عمر! وحيل المسلمون بينهما فرجح قوم هذا. إن المهم هنا أن القوم سووا بين النبي وبين عمر وجعلوا القولين مسألة خلاف ذهب كل فريق إلى نصرة واحد منهما.
ولقد اعتذر العديد لعمر بن الخطاب. فقال النووي في شرح مسلم: إن قول عمر حسبنا كتاب الله من قوة فقهه ودقيق نظره لأنه خشي أن تكتب أمور ربما عجزوا عنها فاستحقوا العقوبة لكونها منصوصة! ولكن السندي في شرح البخاري كان له قول آخر قال: إن الأمر الصادر يفيد أنه أمن من الضلال فالكتاب الذي يريد الرسول أن يكتبه سبب للأمن من الضلال ودوام الهداية.
فكيف يخطر على باب إنسان أنه سيترتب عليه عقوبة أو فتنة أو عجز. أما قوله:
" حسبنا كتاب الله " لأنه تعالى قال: (ما فرطنا في الكتاب من شئ)، ويقول:
(اليوم أكملت لكم دينكم)، فكل من الآيتين لا يفيد الأمن من الضلال ودوام الهداية للناس، ولو كان كذلك لما وقع الضلال ولكن الضلال والتفريق في الأمة قد وقع بحيث لا يرجى رفعه كما أن النبي لم يقل لهم: إن مراده أن يكتب لهم الأحكام حتى يقال على ذلك: إنه يكفي فهمها من كتاب الله. ولو فرض أن مراد