النبي كان كتابة بعض الأحكام، فلعل النص على تلك الأحكام منه صلى الله عليه وآله وسلم سبب للأمن من الضلالة. وعلى هذا فلا وجه لقولهم " حسبنا كتاب الله " بل لو لم يكن فائدة النص ليس إلا الأمن من الضلال لكان مطلوبا جدا ولا يصح تركه للاعتماد على أن الكتاب جامع لكل شئ كيف والناس محتاجون إلى السنة أشد احتياج مع كون الكتاب جامعا وذلك لأن الكتاب وإن كان جامعا إلا أنه لا يقدر كل أحد على الاستخراج منه، وما يمكن لهم استخراجه منه لا يقدر كل أحد على استخراجه منه على وجه الصواب. ولهذا فوض الله لرسوله البيان مع كون الكتاب جامعا فقال تعالى لنبيه: (لتبين للناس ما أنزل إليهم)، ولا شك أن استخراجه صلى الله عليه وآله من الكتاب على وجه الصواب يكفي ويغني في كونه نصا مطلوبا لنا لا سيما إذا أمرنا به. ولا سيما إذا وعد على ذلك الأمن من الضلال. فما معنى قول حسبنا كتاب الله بعد ذلك (1)، ويبدو أن السندي كان يرد على النووي فيما ادعاه.
أدلى العديد من الباحثين بدلوهم. فقال بعضهم: إذا تأملت قول النبي صلى الله عليه وآله: " أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده "، وقوله: " إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي: أحدهم أعظم من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي " (2)، تعلم أن المرمى في الحديث واحد. وقال البعض: من ألم بأطراف حديث " هجر رسول الله " يقطع بأنهم كانوا عالمين أنه إنما يريد أمر يكرهونه ولذا فاجاؤوه بهذه الكلمة وأكثروا عنده اللغو واللغط كما لا يخفى. وكان هناك إصرارا حتى لا يكتب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما أراد أن يكتبه الأمر الذي جعل بعض نساء النبي يتحدثن من وراء حجاب (3)، وقالوا كما في الحديث: " ائتوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بحاجته. فقال عمر: اسكتن فإنكن صواحبه إذا مرض عصرتن