الكتاب " (1)، وفي رواية عند الإمام أحمد قال النبي لبعض أصحابه: " ما لكم تضربون كتاب الله بعضه ببعض. بهذا أهلك من كان قبلكم " (2)، وروى الإمام مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: " أيتلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم " (3)، وروى ابن أبي عاصم أنه قال لهم: " ألهذا خلقتم؟ أم بهذا أمرتم.
لا يضربوا كتاب الله بعضه ببعض. انظروا ما أمرتم به فاتبعوه وما نهيتم عنه فاجتنبوه " (4)، وروى الدارقطني: إن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من باب البيت وهو يريد الحجرة. فسمع قوما يتراجعون بينهم في القرآن. يقولون:
ألم يقل الله في آية كذا وكذا. فقال لهم: أبهذا أمرتم. أبهذا عنيتم إنما هلك من قبلكم بأشباه هذا ضربوا كتاب الله بعضه بعضا أمركم الله بأمر فاتبعوه ونهاكم عن شئ فانتهوا (5).
فهل انتهوا؟ إن التاريخ يقول إن المسيرة شهدت للرأي أعلاما. واتفق على أن الصحابة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم. أطبقوا إطباقا واحدا على ترك كثير من النصوص لما رأوا المصلحة في ذلك. كإسقاطهم سهم ذوي القربى وإسقاط سهم المؤلفة قلوبهم. وهذان الأمران يدخلان في باب الدين وفيهما نصوص صريحة. وقد عملوا بآرائهم أمورا لم يكن لها ذكر في الكتاب والسنة.
وعملوا بمقتضى ما يغلب في ظنونهم من المصلحة. ولم يقفوا مع موارد النصوص حتى اقتدى بهم الفقهاء من بعد فرجح كثير منهم القياس على النص، حتى استحالت الشريعة وصار أصحاب القياس أصحاب شريعة جديدة. وأكثر ما يعملون بآرائهم فيما يجري مجرى الولايات والتأمير والتدبير وتقرير قواعد الدولة. وما كانوا ليقفوا مع نصوص الرسول صلى الله عليه وسلم وتدبيراته