الشياطين. وذلك فيما ذكره ابن كثير أن سعد بن أبي وقاص قال بعد موقعة النهروان " قتل علي بن أبي طالب شيطان الردهة " (1)، وقال علي بعد الموقعة:
" أخبرني خليلي صلى الله عليه وآله وسلم أنهم ثلاثة أخوة من الجن هذا أكبرهم " (2)، وظهور الشياطين على هذه الصورة أمر غير مستغرب. فلقد روى الإمام مسلم " إن الشيطان ليتمثل في صورة الرجل فيأتي القوم فيحدثهم بالحديث " (3).
وروى مسلم أيضا: " إن في البحر شياطين مسجونة أوثقها سليمان يوشك أن تخرج فتقرأ على الناس قرآنا " (4)، ولما كان ظهور الشياطين حقيقية. ولما كانوا سيحدثون الناس بأحاديث يكذبون فيها على رسول الله. ويقرأون عليهم قرآنا ليشتعل الجدال ويأتي الاختلاف والافتراق. كما في قوله تعالى: (وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم) (5)، ولما كانوا سيظهرون بلباس الخشوع ويصلون وسوف يغتر بخشوعهم الكثير. كان من عدل الله تعالى أنه قطع الطريق عليهم بتحديده تعالى دائرة الطهر التي يجلس فيها الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وأهل هذه الدائرة لا يكذبون كما أنهم أعلم الناس بكتاب الله. ولقد فرض الله مودتهم. وأهل هذه الدائرة يتعاملون مع الدنيا على أنها قنطرة إلى الآخرة. ولا يأكلون في الدنيا إلا ما فرضه الله لهم من سهم ذي القربى كما أنهم دخلوا دائرة الأمان وذلك لإخبارهم أنهم سيكونون مع النبي صلى الله عليه وآله عند الحوض، وسيكونون معه في مكان واحد في الجنة. من هذا كله يمكن القول بأنه يستحيل عليهم أن يكذبوا فأي غنيمة ينالوها إذا كذبوا. أما الشياطين وأتباعهم فالكذب نقطة ارتكاز في نفوسهم. لأنهم