الموت. وهم ينظرون إلى ما أعد لهم من أسبابه وأدواته... ومن هذا نعلم أن المجتمع كان فيه من يجادل في الحق. وعلى هذا لا يكون من العسير أن يجادل هؤلاء علي بن أبي طالب أو غيره إذا كانوا قد جادلوا الرسول.
ويوم أحد شهد القرآن أنهم عصوا أمره صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم، حيث أقامهم على الشعب في الجبل. وهو الموضع الذي خاف أن تكر عليه منه خيل العدو من ورائه. وهم أصحاب عبد الله بن جبير. فإنهم خالفوا أمره وعصوه فيما تقدم به إليهم. وروى أصحاب التفاسير أنه صلى الله عليه وسلم قال لهم: " إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم " ولكنهم رغبوا في الغنيمة عندما شاهدوا النساء يشتدون على الجبل وقد بدت أسواقهن وخلاخلهن رافعات ثيابهن (1). ففارقوا مركزهم، حتى دخل الوهن على المسلمين بطريقهم. لأن خالد بن الوليد كر في عصابة من الخيل فدخل من الشعب الذي كانوا يحرسونه فما أحس المسلمون بهم إلا وقد غشوهم بالسيوف من خلفهم فكانت الهزيمة. وذلك قوله تعالى: (حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعدما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة) (2)، وعن ابن مسعود قال: ما كنت أرى أن أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يريد الدنيا. حتى نزل فينا ما نزل يوم أحد (3).
والذين يحبون الدنيا لا يمكن بحال أن يلتقوا مع علي بن أبي طالب على خط واحد له هدف واحد. والذين يحبون الدنيا لم تنته حياتهم. بموت الرسول صلى الله عليه وآله. بل استمر عطاؤهم على خنادق الصد حربا لله ولرسوله في الحياة الدنيا. ولم تكن المعصية يوم أحد فقط. وإنما كانت أيضا في غزوة تبوك. فبعد أن أكد عليهم النبي صلى الله عليه وسلم الأوامر. خذلوه وتركوه. كما بينا من قبل أساليبهم في ضرب القوة العسكرية للدعوة. وهذا