إذا، فقد آتت الأعمال التي عملها عمر ضد الصلح أكلها وأينعت ثمارها.. فها هو عمر يقسم: " فوالله ما قام منهم أحد "!
إذا، فقد تمرد الصحابة على النبي صلى الله عليه وآله، وتكافأوا ضد الصلح الذي ارتضاه، ولعل ذلك مما أوحى به إليه إلهامه العمري.
يقول الثعالبي: " إن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم رأى في منامه، عند خروجه إلى العمرة، أنه يطوف بالبيت هو وأصحابه " وقال مجاهد: رأى ذلك بالحديبية، فأخبر الناس بهذه الرؤية... فلما صدهم أهل مكة قال المنافقون: وأين الرؤيا؟! ووقع في نفوس بعض المسلمين شئ من ذلك، فأجابهم النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم بأن قال: وهل قلت لكم: يكون ذلك في عامنا هذا؟! " (1).
وهذا هو رد النبي لعمر - كما جاء في رواية البخاري -.
وأما ابن كثير فتراه يصرح باسم عمر عند ذكره هذه الحادثة: يقول: " فلما وقع ما وقع من قضية الصلح... وقع في نفس بعض الصحابة رضي الله عنهم من ذلك شئ، حتى سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه في ذلك، فقال له [أي للنبي صلى الله عليه وآله] فيما قال: أفلم تكن تخبرنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟! قال [صلى الله عليه وآله]: بلى، أفأخبرتك أنك تأتيه عامك هذا؟ قال: لا. قال النبي عليه السلام: فإنك آتيه ومطوف به " (2).
أما الطبري فقد ذكر أن السائل عن الرؤيا هم أصحاب محمد، ولم يقل هم المنافقون، كما ذكر الثعالبي..
يقول الطبري: " عن مجاهد في قوله: " الرؤيا بالحق "، قال: أري بالحديبية أنه يدخل مكة وأصحابه محلقين، فقال أصحابه حين نحر بالحديبية: أين رؤيا محمد؟! " (3).
وقد أورد المراغي في تفسيره ما دار بين عمر والنبي صلى الله عليه وآله، فراجع من تفسيره سورة الفتح (4) تجد ما ذكرناه.
.