إذ أنهما من الخلفاء الأربعة، فقد خالف علي عثمان في ما نهى الناس عنه وهو الجمع بين العمرة والحج، مؤكدا أن ما يفعله خلافا لعثمان هو سنة النبي (صلى الله عليه وآله)، ولم يكن له أن يدعها لقول أو أمر أحد من الناس، وهو بهذا يشير إلى أن عثمان قد خالف سنة النبي (صلى الله عليه وآله).
فهذا علي (عليه السلام) وهذا عثمان (رضي الله عنه) يختلفان في السنة النبوية، ولا يتبع أحدهما الآخر، والناس بالطبع منقسمون طبقا لذلك الاختلاف والانقسام. ولما خالف علي عثمان لم يعد عثمان ليتبعه في قوله، بل إن عثمان اعترض عليه قائلا: كيف تفعل شيئا تراني أنهى الناس عنه؟! غير أن عليا اتهمه بترك سنة النبي (صلى الله عليه وآله)، ولن يتركها علي من أجله، إذ هو فرد كسائر الناس.
وليست هذه هي الواقعة الوحيدة التي يختلف فيها علي (عليه السلام) مع عثمان (رضي الله عنه) ويظهر فيها عثمان مخالفا لسنة النبي (صلى الله عليه وآله) في نظر الإمام (عليه السلام)، فقد روى سفيان بن عيينة، عن جعفر بن محمد قال: " اعتل عثمان بمنى فأتي علي، فقيل له: صل بالناس، فقال علي:
إن شئتم، ولكن أصلي بكم صلاة رسول الله [(صلى الله عليه وآله)]، يعني ركعتين.
فقالوا: لا، إلا صلاة أمير المؤمنين عثمان أربعا.. فأبى علي أن يصلي بهم " (1).
واضح من هذا أن عليا (عليه السلام) قد رفض أن يصلي بصلاة عثمان أربع ركعات، وهي سنة عثمان - وعثمان من الخلفاء الأربعة - والنبي (صلى الله عليه وآله) قال فيهم: " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء... "! فما بال علي يخالف عثمان لو كان الحديث قد صدر حقا عن النبي (صلى الله عليه وآله)؟!
إخبار النبي (صلى الله عليه وآله) لأبي بكر بالإحداث من الواضح أن الرسول (صلى الله عليه وآله) لم يأمر باتباع سنة الخلفاء الأربعة، بل أكثر من ذلك أنه كان يعتبر ما سيسنونه من سنة إنما هو إحداث في الدين ومخالفة له بعد موته، فكان النبي (صلى الله عليه وآله) يظهر التخوف من ذلك.
يروي الإمام مالك في " الموطأ ": أن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم قال لشهداء أحد: هؤلاء أشهد عليهم.