(قال) [عمر]: قلت: لا.
قال [أبو بكر]: فإنك آتيه ومطوف به.
قال عمر: فعملت لذلك أعمالا.
قال [عمر]: فلما فرغ رسول الله [من الكتاب] قال [صلى الله عليه وآله] لأصحابه: " قوموا فانحروا ثم احلقوا.
(قال) [عمر]: فوالله ما قام منهم رجل، حتى قال ذلك ثلاث مرات. فلما لم يقم منهم أحد، دخل [صلى الله عليه وآله] خباءه، ثم خرج فلم يكلم أحدا منهم بشئ، حتى نحر بدنة بيده [الشريفة] ودعا حالقه فحلق رأسه، فلما رأى أصحابه ذلك، قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضا، حتى كاد بعضهم يقتل بعضا (1).
وقد ذكر الحلبي في سيرته - عند ذكر صلح الحديبية -: " أن عمر جعل يرد على رسول الله [صلى الله عليه وآله] الكلام، فقال له أبو عبيدة بن الجراح: ألا تسمع يا ابن الخطاب رسول الله يقول ما يقول؟ نعوذ بالله من الشيطان الرجيم ".
قال الحلبي: " وقال رسول الله [صلى الله عليه وآله] يومئذ: يا عمر! إني رضيت وتأبى؟! " (2).
فانظر كيف كان عمر بن الخطاب شديدا على رسول الله صلى الله عليه وآله، ولم يجد من نفسه استطاعة لأن يخضع لأمر الله ويرضى بما رضي به نبي الله صلى الله عليه وآله! فأين الطاعة والتسليم المطلق الذي كان من المفترض أن يتسم به عمر تجاه ما قضى به الله ورسوله؟! أم كان عمر يظن أن له الخيرة من أمره، وأنه ليس ملزما بالتسليم لذلك الأمر تسليما لا يجد معه في نفسه حرجا نحو ما يقضي به رسول الله صلى الله عليه وآله؟!
وفي الحقيقة لم يكن عمر يثق في كلام النبي صلى الله عليه وآله، وكان يرى أن النبي صلى الله عليه وآله قال ما لم يفعل، وهذا واضح في قوله وخطابه للنبي الكريم: " أوليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟! " فعمر لما رأى أن النبي صلى الله عليه وآله انصرف عن الطواف بالبيت في هذا العام، ووافق - طبقا للصلح - على الرجوع دون الطواف، ظن أن ما وعدهم به النبي صلى الله عليه وآله لم .