وهل هناك ما يدل على ذلك؟ أم أنهم أكثر من هذا العدد؟
واتباع أحد الأربعة بهذا الأمر إما لأنهم متبعون للنص فيكون اتباعهم ليس لسبب غير النص نفسه، وإما لأنهم غير متبعين للنص فلا يجوز اتباعهم فيما خالفوا به النص.
ولو كانت الحجة في قولهم بسبب اعتمادهم على النص فلا يختص هذا بهم، إذ كل من يعتمد في قوله على نص فقوله بهذه الصورة مقبول. أما بخلاف ذلك فلا، لأن الجميع يجب أن يخضعوا للنص، وعلى الجميع طاعة النبي (صلى الله عليه وآله). وحتى أولو الأمر ليس لهم العمل بما يخالف القرآن والسنة. وطاعة الرسول لا تعني مخالفته والعمل بخلاف ما يأمر به وينهى عنه، وهذا واضح بالبداهة، فالذي يجتهد في مسألة بين الرسول (صلى الله عليه وآله) أمر الله فيها ويخلص من اجتهاده إلى ما يخالفها فقد خالف النبي (صلى الله عليه وآله) بذلك، ولا يقبل قوله، بل يجب أن يعاقب على هذا الخلاف. والاجتهاد ضد النص أو مع وجود النص مخالفة صريحة لله ورسوله.
ولو جاز الاجتهاد ضد النص فكيف تكون السنة مصدرا للتشريع؟ أليس ذلك عملا بخلافا لشرع، إذ لم يعتمد على مصدره؟
مخالفة الصحابة للخلفاء الأربعة لقد علمنا أن الاختلاف أخذ بتلابيب الخلفاء أنفسهم، ولم يتبع بعضهم بعضا في كثير من المواطن، وهذا ما يتناقض مع الحديث الآمر باتباعهم للنجاة من الاختلاف. كما علمنا أن البدع قد صدرت من بعضهم، وهم - على أساس حديث الخلفاء - معول عليهم في نجاة الأمة من البدع والمحدثات.
غير أن الصحابة لم يترددوا في مخالفة الخلفاء في كثير من الأمور، فكيف يستقيم ذلك والأمر باتباعهم؟! والمخالفون لهم من أجلة الصحابة، لا مجال للطعن فيهم، أو اتهامهم بالنفاق. فإما أن يكون قد أعرضوا عن أمر الرسول (صلى الله عليه وآله) الصادر باتباعهم، وإما أن يكون الحديث موضوعا عليه (صلى الله عليه وآله). ونقول نحن بالرأي الأخير، ليس لما رأيناه من مخالفة الصحابة للخلفاء فحسب، بل لأسباب سقناها وسنسوق بعضها فيما يأتي من فصول، إن شاء الله.