فلما سمع القوم صوتها وبكاءها انصرفوا باكين، وكادت قلوبهم تنصدع وأكبادهم تنفطر، وبقي عمر فبقي معه قوم، فأخرجوا عليا ومضوا به إلى أبي بكر، فقال له بايع.
فقال (عليه السلام): أنا أحق بهذا الأمر منكم، لا أبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي.
فقيل له: لست متروكا حتى تبايع.
فقال: إن لم أفعل فم؟
قالوا: إذا والله الذي لا إله إلا هو نضرب عنقك!
فقال (عليه السلام): إذا تقتلون عبد الله وأخا رسول الله!
فقال عمر: أما عبد الله فنعم، وأما أخا رسول الله فلا! وأبو بكر ساكت.
فقال له عمر: ألا تأمر فيه بأمرك؟!
فقال أبو بكر: لا أكرهه على شئ ما كانت فاطمة إلى جنبه.
فلحق علي بقبر رسول الله يصيح وينادي: ابن أم، إن القوم استضعفوني وكادوا أن يقتلون " (1).
اختلاف علي (عليه السلام) وعثمان (رضي الله عنه) إن ما يبين عمق الاختلاف بين الخلفاء أيضا ما وقع بين علي (عليه السلام) وعثمان بن عفان، كما يروي البخاري عن مروان بن الحكم قال: شهدت عثمان وعليا رضي الله عنهما بين مكة والمدينة، وعثمان ينهى عن المتعة [حج التمتع] وأن يجمع بينهما [أي العمرة والحج]، فلما رأى ذلك علي (عليه السلام) أهل بهما جميعا قائلا: لبيك عمرة وحج معا، فقال عثمان: تراني أنهى الناس عن شئ وتفعله أنت؟!
فقال علي (عليه السلام): لم أكن لأدع سنة رسول الله (ص) لقول أحد (2).
فيلاحظ في هذه الواقعة أن الاختلاف قد حدث بين الخليفتين المفترض اتباعهما،