أعصيه، وهو ناصري "، فالرسول أراد أن يذكر الناسي عمر بثلاث حقائق: أراد أن يذكره بأنه رسول الله، إذ أنه مرسل لينجز هذا الصلح أيضا من جانب الله تعالى. وأراد أن يذكره بأنه منفذ أمر الله تعالى ولن يخالفه ولن يعصي الله في أمر ما إذ أنه معصوم من قبل الله تعالى. وأراد أن يذكره بأن الله يسمع ويرى أحوال النبي وأفعاله ويعلم أعداءه، فلن يتركه عرضة للذلة والدنية، إذ أنه ناصره في كل المواقف...
ولكن هيهات لعمر أن يخضع، وكيف يخضع ولم يكن يأنس في النبي صلى الله عليه وآله العصمة؟!
وتمادى ابن الخطاب في اعتراضه.
وفي واقع الأمر، أنها لواقعة تعقد الألسن بالدهشة، إذ أننا نرى أن المقام النبوي ليس مقاما يجوز لأحد أن ينصب أمامه القامة ويرفع أمامه الرأس معارضا في شئ.
ومن ناحية نرى المقام العمري - طبقا لما صور للناس - من أنه الصحابي العادل الذي يقول الحق ولا يخشى فيه لومة لائم، وأنه الفاروق الذي فرق بين الحق والباطل، وفوق ذلك كله أنه كان صاحب إلهام ومؤيد من ناحية الوحي، ولو في مقابل النبي صلى الله عليه وآله!
ونحن عندما نرى علو مقام النبي صلى الله عليه وآله الحقيقي وعلو المقام العمري المرسوم في الأذهان، نستسلم للدهشة والحيرة، فلا نستطيع الانتصار للنبي صلى الله عليه وآله من المقام العمري الذي توهمناه، ولا نقدر على انتقاد عمر رغم إجلالنا للمقام النبوي الرفيع، فنصبح أسرى داخل شرنقة الدهشة، ونلوذ بالصمت. وكل ذلك بسبب نظرية عدالة كافة الصحابة، وما حيك حول أبي حفص من صفات إعجازية، فالتبس علينا الأمر ونسينا أن عمر هذا وغيره من كافة الصحابة كانوا مشركين يسجدون ويطأطئون الرأس لحجر أصم ردحا من السنين، فمن الله عليهم بهذا النبي الكريم الذي وقفوا بعد ذلك أمامه معترضين عليه ومسائلين في أمورهم لا يفقهون فيها شيئا ولا يعلمون حكمتها.
إن التقليد الأعمى، وعدم إدراك المقام النبوي، هو الذي أوصل عمر وكثيرا من الصحابة إلى مقامات جعلتهم في مصاف المقام النبوي بعد أن عاشوا سنين من الشرك والإلحاد!!
نعم الإسلام يجب ما قبله. ولكنه بما يجبه من شرك وبما يفعله المسلم من إحسان