اتباعهم والعمل بسنتهم، ولهذا اعتبروا الحديث إشارة ودليلا على الفرقة الناجية من الفرق المتخالفة، واعتبروه السبيل التي تؤدي إلى نجاة سالكها من الوقوع في الفتن والاختلاف ومحدثات الأمور التي لا تؤدي إلا إلى الضلال، وأن كل من خالف هذه السنة - أي سنة الخلفاء - أو ردها فهو منحرف عن الجادة عندهم. وسنبين إن شاء الله إشكالات الحديث ومطابقته بواقع الخلفاء الأربعة من حيث إنه سبيل للنجاة من الاختلاف ومحدثات الأمور. على أن هذا يغنينا عن نقل ما ذكر في بطلان سنده.
إشكالات على الحديث إن في الحديث أمرا باتباع سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسنة الخلفاء.
ونحن نوضح هذا الأمر في نقطتين:
الأولى: أن يكون اتباع سنتهم منفصلا ومغايرا لاتباع سنة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) كما هو ظاهر من الحديث، إذ أن العطف يفيد التغاير والاختلاف بلا شك، ففي هذه الحال إما أن تنسب إليهم العصمة، لأن من تساوى أمر اتباعه بأمر اتباع النبي (صلى الله عليه وآله) مع اختلاف سنتهما، يجب أن يكون كالنبي (صلى الله عليه وآله) معصوما، فالسنة وحي بلا ريب والوحي معصوم، والأمر باتباع سنة النبي (صلى الله عليه وسلم) هو نفس الأمر باتباع سنة الخلفاء، إذا تجب عصمتهم. وعند عدمها يكون الأمر باتباع سنتهم التي يمكن أن يعتريها الخطأ أمرا باتباع الخطأ، وهذا لا يصح.
ولكن لا تثبت عصمتهم ولا يؤيدها الحال. إذا سيبطل القول المفروض بأن النبي (صلى الله عليه وآله) قد أمر باتباعهم مع مغايرة سنتهم لسنته، وذلك لعدم عصمتهم.
وإما أن لا تنسب إليهم العصمة، فيكون النبي (صلى الله عليه وآله) قد أمر باتباعهم في سنتهم المغايرة لسنته (صلى الله عليه وآله)، رغم عدم عصمتهم ورغم حتمية وقوعهم في الخطأ والشك والريب. ولكن لا يجوز صدور أمر من النبي (صلى الله عليه وآله) باتباعهم على النحو الذي جاء في الحديث على سبيل الجزم والقطع، وهم على هذا الحال من انتفاء العصمة، لأنه أمر بوجوب اتباع غير المعصوم.
إذا يبطل القول المفروض بأن النبي (صلى الله عليه وآله) قد أمر باتباعهم في سنتهم المخالفة لسنته،