يتحقق ولم يقع كما قال لهم النبي صلى الله عليه وآله - وهو الطواف بالبيت -! ولهذا أوقف النبي الكريم صاحب الخلق العظيم موقف المسألة والمحاسبة!!
ولما رد عليه نبي الرحمة بكلامه المقنع بقوله: " أفأخبرتك أنا نأتيه العام؟ " أجاب عمر بالنفي، ولكن لم يرض عمر، لأن ما تعلق بنفسه من ظن كان أقوى، فلم تشفع تلك الحجة القوية للنبي عند عمر! وربما كان إلهام عمر في ذلك الوقت أقوى، من الوحي، فكان يرى أشياء لم يرها النبي صلى الله عليه وآله أو يعلم ما لم يكن يعلم به النبي صلى الله عليه وآله!!.. فصوب نحو أبي بكر مؤكدا قوة ما تعلق به من ظن سئ، وإلا كان يكفيه ما قاله النبي صلى الله عليه وآله.
والحقيقة التي يعلمها كل مؤمن هي أنه ليس لعمر ولا لأي أحد من أفراد البشر وحتى من غبر من الأنبياء... ليس لهم إلا طاعة المصطفى والنبي الأكمل صلى الله عليه وآله. ولكن هذه الطاعة لا ترجى إلا ممن يأنس في نبي الإسلام الكريم عصمة لا ينفذ من خلالها الخطأ إليه..
وأما من كان بخلاف ذلك، فلا ينتظر منه طاعة. ولقد كان عمر من هذا القبيل: لم يكن يأنس في النبي صلى الله عليه وآله تلك العصمة، وإلا فلماذا المناقشة؟! ولماذا المحاسبة؟! فهل كان يناقشه ويعارضه رغم علمه بعصمته؟ ولكن هذا أسوأ، ومعرفة عصمة النبي لا تحتاج إلى كبير عناء، وقد كان يكفي عمر أن يردد قوله تعالى: (ما آتاكم الرسول فخذوه ونهاكم عنه فانتهوا) ليجد فيه العصمة بأجلى معانيها، إذ أن هذه الآية مطلقة عامة لا تختص بأمور الدين والوحي وحده، ولا هي مختصة بأمور الدنيا والمعاش فقط..
وأما صلح الحديبية فكان من صميم مسائل الدين، لو أدرك ذلك عمر.
ومن كلام ابن الخطاب العجيب أثناء محاسبته النبي صلى الله عليه وآله! قوله: " فلم نعطي الدنية في ديننا؟! ". ومفاد هذا أن الدنية في الدين - حسب فهمه - يفهمها هو دون النبي صلى الله عليه وآله، ويرفضها هو ولا يرضى بها! ولا يرفضها رسول الله ويرضى بها!! فاعجب ما شاء لك أن تعجب!
على أن قول النبي صلى الله عليه وآله " إني رسول الله، ولست أعصيه، وهو ناصري " كان - والله - كافيا لأن يثوب عمر إلى حظيرة اليقين والطمأنينة إلى عصمة النبي صلى الله عليه وآله، ولما فعله النبي