وسوف نبحث هذا الموضوع من خلال نقطتين:
1 - هل كانت الشورى هي الحاكمة بين المتنازعين في السقيفة؟
2 - هل ترك النبي صلى الله عليه وآله تعيين خليفته لرأي الناس وحكم الشورى؟
السقيفة والشورى المزعومة إن ما دار في سقيفة بني ساعدة، وما تمخض عن ذلك لم يكن قد قام على أي نوع من الشورى وأسلوب التحاور، ذلك لأن الشورى - كما يفهمها الساذج من الناس والفطن منهم - تقوم على أساس الاعتراف بحق الأطراف في المسألة المطروحة للشورى، وإبداء النظر باعتبارها مسألة تخص جميع الأطراف. فهذا هو الحق المعترف به لكل فرد، إما من حيث إن كل فرد خليفة بالقيام باعبائه، أو من حيث إنه محفوظ لكل فرد في المشاركة باختيار من يقوم به من بين الآخرين، دون أن يستبد به قوم دون قوم، أو فرد دون فرد.
بيد أن السقيفة لم تكن على هذا القرار، ولم تسر على هذا المنهج. وهذا واضح جدا في عبارات المتخاصمين من أهل السقيفة، وفي طبيعة الجو الذي كان سائدا آنذاك.
وواضح أيضا من حيث أن الأمر حصر في قوم دون شموله لقوم آخرين لا يقلون عنهم شيئا إن لم يفوقوهم في كل شئ، وأعني عليا عليه السلام وأصحابه من بني هاشم، كما عرفت.
وعدم وجود هؤلاء في السقيفة - وهم بهذا المقام من بين أهل الحل والعقد - يؤكد النزعة الاستبدادية التي كانت طاغية على أعضاء السقيفة، ويدحض كل ادعاء يتوسل بالشورى ليصف بها ما دار في السقيفة لاختيار الخليفة.
إن أبا بكر لم يكن يرمي من كلامه في يوم السقيفة إلى استشاره الطرف الآخر بقدر ما كان يرمي إلى بيان أحقيته هو في الأمر، من غير أن يكون للأنصار حق فيه، بل يتضح من كلامه أن المطالبة بتولي هذا الأمر من قبل الأنصار يدخل الأنصار في زمرة الظالمين.
يقول أبو بكر: " إن رسول الله (ص) لما بعث عظم على العرب أن يتركوا دين آبائهم، فخالفوه وشاقوه. وخص المهاجرين الأولين من قومه بتصديقه، فهم أول من عبد الله في