شئ، ولما خاصمتهما الزهراء وامتنعت عن بيعة الصديق وكانت تدعو عليه في كل صلاة تصليها عليها السلام.
ولو كانا هما أولي الأمر لما جاز لعلي بن أبي طالب الامتناع عن بيعة أبي بكر، بل لما قال لهما ولأفرادهما: " بل أنتم أولى بالبيعة لي "، وقد مر عليك ذلك كله.
أولو الأمر هم أهل البيت عليهم السلام أن أولوية أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله في تولي أمور المسلمين، والانفراد بلقب " أولي الأمر " بعد النبي صلى الله عليه وآله دون غيرهم من الناس.. لهي أولوية تأخذ شكلها الطبيعي من عبارات الوحي بشقيه، فالنبي صلى الله عليه وآله لم يكن يرى من هو أولى منهم بهذا المقام، بل لم يكن يراه لغير هم أبدا، إذ أننا نلمس ذلك في المقام، الذي حفظه النبي الكريم لهم. وليس ذلك من حيث الاحساس الأبوي الخاضع لقوانين النفس البشرية، وإنما هو أمر تلقاه النبي صلى الله عليه وآله متنزلا من مقامات الوحي الإلهي، موضحا السنخية والشبه الذاتي بين أهل البيت النبوي و بين محمد صلى الله عليه وآله ذلك لأن الأبوة مهبط لوحي العاطفة التي كثيرا ما تتخطى الحق وتنطق عن الهوى ولهذا فقام أهل البيت لما كان مرتكزا على الأمر القرآني بوجوب طاعتهم من حيث إنهم أولو الأمر، ترى الشق القرآني يمثل أساسا منيعا لمقام العترة، وحينما ترى وصف السنة لعترة النبي عليه وعليهم الصلاة والسلام بأنهم الهداة الذين لا يضل من تمسك بهم تعلم طبيعة هذا المقام الصادرة من جانب الوحي الإلهي وعندئذ نعلم السنخية بين العترة ومحمد النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وبيان هذا المقام ليس له مسير غير قنوات الوحي الذي ينتظم كل نفس النبي صلى الله عليه وآله وكل حياته بحركاتها وسكناتها، ولهذا كان الاستحقاق للخلق العظيم الذي يبرئ النبي عليه وآله الصلاة والسلام من نزعات الأبوة البشرية في بيان مقام العترة. وعلى هذا الأساس فهو مقام لهم من صميم أنوار النبوة، بل مقام من مقاماتها، صاغه الوحي في عبارات لا تخفى على من له مسكة من الادراك وقدر من ملكة التدبر.