على أثره بقدر من الإبهام أدى إلى صعوبة التعرف عليها بعينها، ولا سيما بعد افتراض عدالة كافة الصحابة الذين كانوا أول من اختلف في أمور الدين، فقد أسدلت هذه العدالة الشاملة ستارا معتما على كثير من الأمور، ومنعت التطرق إلى البحث والتحقيق فيما وقع بين الصحابة من اختلاف بهدف إدراك الحقيقة، فتهيب الناس السؤال عما حدث لمعرفة الحق من الباطل. وبسبب هذه العدالة استوى عند المسلمين في هذا العصر الخطأ والصواب! لأن المتخالفين من الصحابة كلهم مأجورون ومثابون! فانتشر الإسلام على هذا، يدين الناس بأمور كثيرة مختلف عليها فيه.
ثانيا: تعدد الفرق الإسلامية ذلك أن اختلافا كهذا حدث بين الرعيل الأول - ولا سيما بعد الركون إلى عدالتهم كافة - قد أدى إلى بروز فرق لا تحصى ولا تعد في المجتمع الإسلامي. والعجيب أن أعضاء هذه الفرق - وهم لا يجوزون بحث الخلاف بين الصحابة - تراهم يبحثون حول ما حدث بينهم من اختلاف، وقد غفلوا عن أن اختلافهم هذا كثير منه معلول الاختلافات الأول، فإثبات الحق لفرقة وسلبه عن فرقة أخرى، هو في الواقع نسبة ذلك الحق إلى رأي من آراء بعض الصحابة في المسألة المختلف فيها، وسلبه عن الفرقة الأخرى هو سلب هذا الحق عن البعض الآخر منهم في نفس مسألة الاختلاف، وقد طعنوا بذلك في عدالة كافة الصحابة من مكان بعيد.
ثالثا: بعد المسافة الزمنية بين زماننا وزمان النبي (صلى الله عليه وآله) وهذا من الأسباب القوية التي تؤدي بلا شك إلى بعث غريزة التحقيق والبحث في أمور الدين، لأن ما صدر من النبي (صلى الله عليه وآله) لا بد له أن يطوي كل تلك المسافة متنقلا بين أنواع أفراد البشر والمجموعات المتخالفة التي لا تعتمد إلا ما وافق الرأي منها ولا تحتفظ إلا بما تراه صوابا.
وهي في تحديدها الصواب من الخطأ تتنازعها أمور وتتناوشها أشياء، فالنسيان