فأكب عليه فجعل يساره ويناجيه، ثم قبض رسول الله " (1).
وإذا عرفنا هذا كله - وهو قليل من كثير - أيقنا أن خبرها في أن صلاة أبيها كانت بأمر النبي صلى الله عليه وآله، وأنه صلى الله عليه وآله خرج فصلى خلفه - كما في بعض الأخبار عنها - هو من هذا القبيل.
ومما يؤكد ذلك اختلاف النقل عنها في القضية، وهي واحدة.
هل صلى أبو بكر بالناس؟!
إن صلاة أبي بكر المعنية هذه هي المسائل التي تحيط بها الشكوك من جميع النواحي. وما روي في هذا الأمر يشير، بما لا يخفى على صاحب بصيرة، إلى أن أبا بكر لم يصل تلك الصلاة، وذلك لأنه لم يكن موجودا بالمدينة، ولم يأت إلا بعد أن بلغه خبر وفاة النبي صلى الله عليه وآله.
يقول ابن الأثير: " ولما توفي [صلى الله عليه وآله] كان أبو بكر بمنزله بالسنح وعمر حاضر، فلما توفي [صلى الله عليه وآله] قام عمر فقال: إن رجالا من المنافقين يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم توفي! وإنه والله ما مات ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران.
ليرجعن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم، فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم، زعموا أنه مات. وأقبل أبو بكر، وعمر يكلم الناس، فدخل على رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم، وهو مسجى في ناحية البيت، فكشف عن وجهه... " (2).
كما روى الطبري: " توفي رسول الله [صلى الله عليه وآله]، وأبو بكر بالسنح وعمر حاضر " (3).
وروى أيضا: " وأقبل أبو بكر حتى نزل على باب المسجد حين بلغه الخبر [خبر وفاة النبي صلى الله عليه وآله] وعمر يكلم الناس، فلم يلتفت إلى شئ حتى دخل على رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم، فأقبل حتى كشف وجهه " (4).
وهكذا يتضح أن أبا بكر يكن بالمدينة عندما توفي النبي صلى الله عليه وآله، ولم يأت إلا بعد أن