وجوب التحقيق في أمر العقيدة والحصول على هذا اليقين أولى ما يكون في العقيدة، إذ أنها أصل لكل فرع، وفساده في فسادها الذي هو موجب لكل فساد لا محالة، إذ العقيدة هي التي نعنيها بالتحقيق والتصحيح حتى تبدو وقد تأسست على الحقيقة واليقين، فلا بد إذا من التحقيق من سلامتها بالفحص وإعادة النظر وتقليب البصر وإعمال الفكر والتدبر في أحوالها.
والعقيدة لا تورث حتى ندعها للفطرة وحدها، والاتكاء على اعتقاد الأسلاف والآباء والأجداد ممنوع: ﴿وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا، أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون﴾ (1)؟
وأرجو أن يظن أحد أن هذا منحصر بنقض عقائد المشركين التي ورثوها عن أسلافهم فحسب، بل يمتد ليشمل العقيدة التي ورثها أصحابها عن الأسلاف، ظنا منهم أنها من الإسلام في شئ. والسبب في ذلك أن عقائد المسلمين قد تلونت وتقسمت وتعددت وتفرعت بسبب الاختلافات والفتن التي عصفت بالرعيل الأول من المسلمين، وما ورد على عقائدهم من عقائد الأمم والوافدين. ولو لم يكن غير هذا لكان كافيا في إيجاب النظر والبحث في ما بلغنا من اعتقاد السابقين، ولكن الرسول (ص) قد صرح محذرا أمته إذ يقول (ص) (افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة). إذا فالاختلاف الذي وقع