مخالفة عائشة لعثمان وعلي رضي الله عنهم إن موقف عائشة أم المؤمنين من الخليفة الثالث عثمان بن عفان من المواقف التي يستحيل إنكارها أو إخفاء ما يكتنفها من حقائق، إذ لا تخلو منها كتب السير والأخبار.
لقد خالفت عائشة عثمان أشد خلاف واتهمته أشد تهام، وأصدرت فتوى كفره وقتله، فقالت: " اقتلوا نعثلا، فقد كفر " (1).
يقول ابن أبي الحديد: " كل من صنف في السير الأخبار ذكر أن عائشة كانت من أشد الناس على عثمان، حتى أنها أخرجت ثوبا من ثياب رسول الله فنصبته في منزلها، وكانت تقول للداخلين عليها: هذا ثوب رسول الله، لم يبل وعثمان قد أبلى سنته. (قال) وقالوا: أول من سمى عثمان نعثلا عائشة، وكانت تقول: اقتلوا نعثلا، قتل الله نعثلا. (قال) وروى المدائني في كتاب " الجمل ": لما قتل عثمان كانت عائشة بمكة، وبلغ قتله إليها، فلم تشك أن طلحة هو صاحب الأمر، فقالت: بعدا لنعثل وسحقا " (2).
فهذه هي الحميراء التي عندها نصف الدين - كما يقول أهل السنة - تفتي بكفر عثمان وقتله، لتبديله وإبلائه سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم تعر حديث الخلفاء اهتماما، فهل خالفت السنة هي الأخرى؟ أم لم يكن للحديث وجود، فلم تكن قد سمعت به من زوجها صاحب السنن (صلى الله عليه وآله)؟
وعلى كل، فإن عملنا بقول عائشة فقد دحض حديث الخلفاء، لتكفيرها عثمان إذ أنه منهم. وإن عملنا بحديث الخلفاء فقد دحض حديث الاقتداء بالصحابة، لبطلان قولها حينئذ، إذ أنها منهم. وهذا هو التناقض الفاضح، والاختلاف الكبير بين الحديثين، الأمر الذي يشير إلى أنهما من عند غير الله، وهو الباطل لا غير.
وأما موقفها من علي (عليه السلام) فيحكي نفسه ويبديها للملأ من أعلى سنام الجمل، ومن داخل الهودج الذي استقر على ظهر " عسكر ". وهذا كله مجتمعا يتظافر ليؤكد أن عائشة