وحدود الله يسعون بكل جهد إلى لي أطراف الشرع وتشكيل أحكامه لصناعة قالب شرعي منه لهذه الأخطاء، وهم مع ذلك يسمعون قول النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله): " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " (1). فكل عمل لا يطابق الشره فهو مردود مرفوض مهما كان صاحبه، ولعمري إن هذا لهو الحق الذي يقبله الشرع نفسه وترتاح على جنبه العقول وتنسجم مع أطرافه الفطرة الإنسانية.
شرب الخمر قدامة بن مظعون صحابي من أهل بدر، تعاطى الخمر في زمان الفاروق، فأقام عمر بن الخطاب عليه الحد إجراء لحكم الله تعالى.. (2) فماذا يضيرنا لو قلنا لابن مظعون الصحابي البدري هذا: إنك ارتكبت إثما كبيرا وعصيت الله بذلك، فهل نصبح بهذا القول من الفاسقين الخارجين عن الدين؟! وقد يقول قائل: إن الله قد غفر لأهل بدر فليفعلوا ما يحلو لهم، فلو كان هذا الكلام صحيحا فلماذا لم يغفر الفاروق وقد غفر الله لابن مظعون وأمثاله؟!
غير أن الفاروق لم يتوان عن إقامة الحد على ابنه عبد الرحمن الأصغر أيضا عندما تعاطى الخمر هو الآخر، فعمر لم يسع إلى تبرير خطأ هؤلاء الصحابة، ولم يقل: اجتهد هؤلاء في شربهم الخمر فأخطأوا ولهم أجر واحد، وإلا فعلى الدين السلام!
ثم إن الوليد بن عقبة كان واليا على الكوفة، فشرب الخمر وقام يصلي بالناس صلاة الفجر، فصلاها أربع ركعات، وكان يقول في ركوعه وسجوده: " اشربي واسقني "، وتقيأ في المحراب ثم سلم بعد الأربع وخاطب المصلين: " هل أزيدكم "؟! (3) فأقام الإمام علي (عليه السلام) عليه الحد الشرعي ولم تشفع له صحبته بشئ، ورغم ذلك فعلينا أن نقتدي بهم لكونهم من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)! أرجو أن لا يعاند أحد الحقيقة المرة ويقول: إن الوليد