الباب الأول حديث الاقتداء بالصحابة لقد اعتمد القائلون بعدالة كافة الصحابة بقضهم وقضيضهم - كما أسلفنا - على أحاديث زعموا أنها صادرة عن النبي (صلى الله عليه وآله)، ولهذا منعوا الكلام فيهم وفي تمييز غثهم من سمينهم، واعتبروهم طبقا لذلك في عصمة من الجرح والطعن، بل اعتبروا الكلام فيمن خالف الشرع منهم فسقا وخروجا عن دائرة الإسلام. وهذا الكلام لا يصدر إلا عمن أضاع أسس القياس والمعيار الشرعي في معرفة الناس وأفعالهم، واعتمد على التقليد الأعمى وعدم الواقعية، لأن كلاما مثل هذا لا يسنده الواقع الذي عاشه الصحابة في زمانهم، إذ لا يمكن أن تؤيده هذه الأحاديث بتلك العمومية التي تفهم من نصوصها الشاملة لكافة الصحابة، فقد زعموا أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: " أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم " (1). ومعنى الحديث واضح في إشارته إلى الاقتداء بكافة الصحابة في أمور الدين، وأن الاقتداء بأي كان منهم موجب للهداية والنجاة.
وسنضرب أمثلة من مخالفات بعض الصحابة التي خالفوا بها الشرع صراحة، حتى يتضح أن ما ذهب إليه هؤلاء لا يستقيم، وأن بعض الصحابة لا يمكن أن يعتمد عليهم في أخذ مسائل الدين لمخالفتهم للدين نفسه. ونحن نعلم جيدا أن مخالفة الشرع