الأموية، وتربى على أحضانها بهذا المعنى.
والاختلاف الذي حدث في يوم السقيفة يؤيد ما ذهبنا إليه، إذ لو كان للحديث وجود في ذلك الوقت بمعنى الخلفاء الأربعة - كما فسر - وأنه كان عهدا ووصية من النبي (صلى الله عليه وآله) لما حدث ما حدث من اختلاف وتنازع وخصام كادت أن تزهق فيه أرواح طاهرة، ولما احتاج أبو بكر وعمر إلى بذل الوسع وشق الأنفس في إقناع الأنصار بعدم أحقيتهم في الخلافة بأدلة غير هذا الحديث، إذ أنه كان يكفي في إثبات الحجة وإقامة الدليل على خلافة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، ولما اضطر عمر إلى تشكيل شورى سداسية لتختار خليفة للناس من بعده، كما حدث، إذ المفترض أن الحديث قد أوجب طاعة الأربعة، بعد أن فسروه بهم. ولكن هيهات، فالحديث موضوع باسم رسول الله (صلى الله عليه وآله) عندا، فليتبوأ واضعه مقعده من النار.
خلاف بعض الصحابة للخليفة الرابع وأما هذه فهي مسألة أخرى من الواضحات المسلمات، وقد أصابت من " حديث الخلفاء " مقتلا، ذلك لأن الإمام عليا هو رابع الخلفاء، وعلى هذا فسنته واتباعه - طبقا لهذا الحديث - حجة وجبت على الصحابة، وإلا كان المخالف رادا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومخالفا له بلا ريب.
فهذا معاوية وذاك طلحة والزبير وتلك عائشة أم المؤمنين، وتلك الفئة الباغية، فمن منهم لم يخالف الإمام عليا (عليه السلام) ولم يعلن عليه الحرب الضروس، عامدين لقتله وهو الخليفة الرابع؟!
وأما معاوية فقد حاربه ولعنه وأمر الولاة في دولته بلعنه وسبه على الملأ، واستمر لعن الإمام بعد معاوية كسنة راجت أكثر من خمسين عاما، يقول الطبري: " إن معاوية لما استعمل المغيرة بن شعبة على الكوفة سنة إحدى وأربعين وأمره عليها دعاه وقال له: لقد أردت إيصاءك بأشياء كثيرة أنا تاركها اعتمادا على بصرك، ولست تاركا إيصاءك بخصلة: لا تترك شتم علي وذمه، والترحم على عثمان والاستغفار له، والعيب لأصحاب علي والإقصاء لهم، والإطراء