حيث أمر أمر وجوب (كوجوب طاعة الله وطاعة الرسول) ومع ذلك لا يسأل عنه هل أنجز هذا الأمر الواجب أم لا؟
ولهذا فلما كان عجز الناس عن معرفة وتعيين أولي الأمر يؤدي إلى تولية الفاسق أو وقوع الاختلاف والتناحر حول تعيين ولي الأمر، أو يكون التكليف بما لا يطاق، أو ينسب العبث إلى الله تعالى في فعله.. اتضح أن تعيين أولي الأمر لم يتركه الله لاختيار الناس، بل إنه مسند إليه تعالى.
من هم أولو الأمر يقول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول).
إنك تلحظ في هذه الآية أنه أمر فيها بأمر واحد إطاعة ثلاثة: الله تعالى ورسوله وأولو الأمر، بوساطة فعل الأمر: (أطيعوا)، وذلك في قوله تعالى: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)، فماذا يمكن أن نفهم من ذلك؟ وماذا أراد الله تعالى بإشراك النبي صلى الله عليه وآله وأولي الأمر في أمر واحد بطاعتهما؟ على أن الحال لا يختلف لو فصل الأمر ولم يجمع في فعل واحد.
إن إصدار الأمر بطاعة الرسول صلى الله عليه وآله وأولي الأمر بهذه الصورة المشتركة في أمر واحد يؤكد لنا التساوي بين طاعة الرسول وطاعة أولي الأمر. فلما كانت طاعة الرسول صلى الله عليه وآله واجبة قطعا فطاعة أولي الأمر واجبة قطعا أيضا. والعموم والإطلاق الواضح في الأمر بالطاعة لا يسمح باستثناء طاعة أولي الأمر وفصلها عن طاعة الرسول صلى الله عليه وآله بأي حال من الأحوال، أو بأي شرط من الشروط.. إذا طاعة أولي الأمر هي من الواجبات في الدين على المؤمنين.
ثم إن النبي صلى الله عليه وآله معصوم بلا شك، ولو على قول من ينسب إليه العصمة في تبليغ الوحي، فهو معصوم إذا. وهنا نسأل: ما هي الحكمة في أن يكون النبي صلى الله عليه وآله معصوما؟
إن الله تعالى لم يدع لنبي من الأنبياء مسؤولية التشريع ولم يسند إليهم تأسيس