على الإسلام، فيدخل في من لقيه من طالت مجالسته له أو قصرت، ومن روى عنه ومن لم يرو، ومن غزا معه ومن لم يغز، ومن رآه رؤية ومن لم يجالسه ومن لم يره لعارض العمى " (1). " وأنه لم يبق بمكة ولا الطائف أحد في سنة عشر إلا أسلم وشهد مع النبي (صلى الله عليه وآله) حجة الوداع، وأنه لم يبق من الأوس والخزرج أحد في آخر عهد النبي (صلى الله عليه وآله) إلا دخل في الإسلام، وما مات النبي (ص) وواحد منهم يظهر الكفر " (2).
هكذا عرف ابن حجر الصحابي، وكما وضح فإن رؤية النبي (صلى الله عليه وآله) هي المعيار الذي ينال الفرد به لقب الصحبة عنده، حتى وإن لم يجالس النبي (صلى الله عليه وآله) لحظة عمره.
ثم إنه لما جاءت سنة عشر لم يبق أحد في مكة والطائف إلا أسلم، وبالطبع على يد النبي (صلى الله عليه وآله)، فيكون بالتالي لم يبق أحد منهم إلا وقد انضوى في سلك الصحابة، لإسلامه ومشاهدته النبي (صلى الله عليه وآله). ثم إنه لما كانت حجة الوداع التي حضرها مع النبي (صلى الله عليه وآله) ما يربو على مائة ألف شخص كان هؤلاء كلهم - على قول ابن حجر - من الصحابة، لأنه يستبعد أن يكون هناك من لم يره. ثم إنه لما مات النبي (صلى الله عليه وآله) لم يظهر من أحدهم الكفر، فيكون النبي (صلى الله عليه وآله) قد ارتحل وترك الناس كلهم صحابة، لمشاهدتهم إياه، وإسلامهم على يديه، وعدم ظهور الكفر من أحدهم، وهكذا يكون النبي (صلى الله عليه وآله) قد ترك الناس كلهم صحابة عدولا، لإسلامهم على يديه، ولعدم ظهور الكفر من أحدهم حتى رحيل النبي (صلى الله عليه وآله). فهذه هي الصحبة بحدودها التي عرفت بها.
تعريف العدالة وأما العدالة التي وصف بها كل الصحابة، لصحبتهم النبي (صلى الله عليه وآله) وجعلتهم من مصادر التشريع الإسلامي التي لا يجوز ردها، فيقول فيها إمام الجرح والتعديل أبو حاتم الرازي : " أما أصحاب رسول الله (ص)، فهم الذين شهدوا الوحي والتنزيل، وعرفوا التفسير والتأويل، وهم الذين اختارهم الله عز وجل لصحبة نبيه (ص) ونصرته وإقامة دينه