والخطأ والهوى والتقليد والعصبية والقبلية والحقد... كل ذلك سيضع آثاره على ما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) من كلام، وجب علينا التعبد به ونحن في هذا العصر البعيد عن زمن الرسالة.
فالذين ينقون ما يمر عبرهم من أقوال وأفعال صدرت عن النبي (صلى الله عليه وآله).. على أي معيار يعتمدون في هذه التنقية؟ ومن يجرح غيره ويتهمه بالنسيان وكثرة الخطأ يجرحه بأمور هو نفسه عرضة لها وإن كان ثقة عادلا، هذا فضلا عن الذين شمروا عن سواعدهم لوضع ما لم يكن عن النبي (صلى الله عليه وآله) صدوره ونسبته إليه بعد ذلك، وهم أكثر وأشد نشاطا وفعالية.
وعملهم أسهل وأهون من عمل الإصلاح.
رابعا: حصار أهل البيت وتكميم أفواههم لقد كان الخليفة الأول وكذلك الخليفة الثاني يرجعان في كثير من الأمور إلى أهل البيت، فأبو حفص كان مفزعه في أمور الدين الإمام علي، ولهذا صدر منه مرارا قوله: " لولا علي لهلك عمر "، وقوله: " الله أعوذ بك من معضلة ليس لها أبو الحسن "، وهكذا كان دأبهما.
وأعلمية أهل البيت - وعلى رأسهم الإمام علي (عليه السلام) - من الحقائق التي لا مراء فيها ولا جدال، وقد اعترف بذلك أبو بكر الصديق وخليفته أبو حفص. واستمر الحال إلى زمان عثمان حيث استولى بنو أمية على مقاليد الأمور في الدولة الإسلامية، وتصرفوا في كل شئ حتى هيمنوا على السلطة تماما، فتغير الحال وحورب أهل البيت، وحوصرت أقوالهم، وسلب حقهم في المرجعية الدينية فضلا عن الخلافة. واستمر الحال هكذا إلى آخر يوم في الدولة العباسية، فنشأ الناس على ترك أهل البيت. ثم إن الحصار في دولة بني أمية لم يقف على إبعاد أهل البيت النبوي عن المرجعية فحسب، بل تعدى إلى ابرازهم بنحو يؤدي إلى نفور الناس منهم، ولهذا الغرض استنوا سب الإمام علي (عليه السلام) أكثر من خمسين عاما.
وضرب الحصار على من يرجع إليهم في أمور دينه، وقتل من لم يطلق لسانه فيهم بالسباب والشتم، وهيئت الفرص لمن يسبهم ويجافيهم. وأمر معاوية الناس في بقاع