متطلبات التحقيق في أمر العقيدة إن من حزم الأمر على التحقيق والبحث في اعتقاده فهو لا يستطيع إحراز شئ من تحقيقه إن كان مفعما بالتعصب والتقليد اللذين لا يتيحان الفرصة للتحقيق الحر، فلا بد له لكي يكون حر الحركة والتفكير أن يفرغ نفسه من كل ما يكون أن يتسبب في إفساد التحقيق عليه والحيلولة بينه بين ما يصبو إليه من بحثه، وأن يهيئ نفسه جيدا لتقبل الحقيقة التي يصل إليها، بعد نجاز التحقيق والاطمئنان إلى سلامته من حيث المنهج السليم والأدلة المقنعة بلا شك، لأن الخوف من خوض التحقيق أو الخوف من تقبل النتيجة عدو المحقق النزيه، فالنتيجة تحتم عليه رحابة الصدر لتقبلها باعتبار أنها الحق، بل تحتم عليه الدفاع عنها وعرضها على الآخرين. ومن لا يهدف إلى هذا من تحقيقه وبحثه فعليه ألا يشرع في شئ من التحقيق لأنه يكون عندئذ مضيعة لوقته، بل يكون عبثا ولعبا، ولماذا يحتمل المشاق ويقطع الحجة على نفسه ثم لا يقبل نتيجة بحثه وتحقيقه ولا يدافع عنها؟
ثم إن المحقق والباحث في مسألة الاعتقاد الديني له ثوابت أساسية ينطلق منها باديا بحقه وتحقيقه، فهو لا يستغني عنها أبدا، ولا يتجافى عنها في بحثه عن الاعتقاد الكامل السليم. وهذه الثوابت الأساسية تتمثل في:
* الإيمان بالله، فهذا اعتقاد استقر في قلوب المسلمين، وهم في ذلك سواء: إذا أننا لا نجد فرقة تدعي الإسلام دون أن يكون لها اعتقاد وإيمان بالله تعالى، بل إنها بغير هذا