بذلك، إذ أوتي يحيى عليه السلام الحكم وهو صبي، وجعل الله تعالى عيسى نبيا وهو رضيع، فهل كانا لا يعرفان ما الإيمان بالله في ذلك العمر؟!
إذا، فلا ريب يخالج النفس في إيمان علي عليه السلام ورجاحة عقله يوم عين خليفة على المسلمين في بدء الرسالة، لعدم كذب النبي صلى الله عليه وآله في قوله: " هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم ".
فهذه من الحوادث التي عادة ما يمر عليها الناس مرور الكرام، دون أن تخشع لها قلوبهم وتشهد بخلافة علي عليه السلام، رغم وضوحها وصراحتها.
خلافة علي عليه السلام في حديث الثقلين إن حديث الثقلين من الأحاديث التي تبين حقيقة الخلافة بوضوح وجلاء، وتحكي عن استخلاف النبي صلى الله عليه وآله لعترته من بعده مبينا في عبارات صريحة طريق النجاة والسلامة من الضلال والانحراف عن سبيل المؤمنين.
لقد خاطب النبي صلى الله عليه وآله الناس فقال لهم: " إني تارك فيكم خليفتين: كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض - أو ما بين السماء إلى الأرض - وعترتي أهل بيتي. وإنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض " (1).
إن المتدبر في هذا الحديث - لا سيما قوله صلى الله عليه وآله: " إني تارك فيكم خليفتين " - لا يجد في هذه العبارة، ولا يفهم منها سوى خلافة العترة. وهذا مما لا يحتاج إلى كبير عناء، ولا يجوز لمسلم أن يتلو هذا الحديث دون أن يتدبر في معانيه وعباراته.
إن استخلاف القرآن لا يعني بأي حال من الأحوال تركه بين الناس مصحفا مدونا ليأخذ كل فرد منه على حدة حسبما يفهمه هو ويدركه، ويعمل على أساس ذلك، لأن التعامل مع القرآن بهذا الأسلوب لا يؤدي إلا إلى التشتت والافتراق، فالتناحر والخصام والاختلاف. إن القرآن - وهو دستور الحياة الذي فرض على الناس العمل به والعيش على أساس هدايته - يحتاج إلى من يبينه للناس بيانا لفظيا وعمليا. والالتفات حول فرد