الباب الثالث الشورى إن حادثة السقيفة لهي من الحوادث التاريخية التي لا تخلو منها مصنفات التاريخ الإسلامي، إذ أنها من الحوادث التي لها أثر مشهود في ماضي وحاضر المسلمين. إنها من الحوادث التي لم يكن للتاريخ إلا أن يسجلها ويحفظها لأجيال المسلمين، إذ بها لبس الإسلام ثوبا واتخذ مسارا جديدا بعد حياة النبي صلى الله عليه وآله.
فهل كان ما دار فيها وما تمخض عنها مبنيا على أساس الشورى؟
وقبل أن نجيب عن هذا التساؤل - إذ أنه سيأتي ذلك في محله - علينا أن نشهد مختصرا من حكاية تلك الواقعة، كما يرويها الطبري:
" اجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة، وتركوا جثمان الرسول [صلى الله عليه وآله] يغسله أهله، فقالوا: نولي هذا الأمر بعد محمد [صلى الله عليه وآله] سعد بن عبادة.
وأخرجوا سعدا إليهم وهو مريض، فحمد الله وأثنى عليه، وذكر سابقة الأنصار في الدين، وفضيلتهم في الإسلام، وإعزازهم للنبي [صلى الله عليه وآله] وأصحابه، وجهادهم لأعدائه، حتى استقامت العرب، وتوفي الرسول [صلى الله عليه وآله] وهو عنهم راض، وقال: استبدوا بهذا الأمر دون الناس.
فأجابوه جميعا أن: قد وفقت الرأي، وأصبت في القول، ولن نعدو ما رأيت، نوليك هذا