يرده في تبليغ الوحي.
إذا، وجبت عصمة أولي الأمر كما وجبت عصمة الرسول صلى الله عليه وآله. على أن وجوب الطاعة بالجزم والقطع إشارة إلى العصمة، فالعصمة أساس وجوب الطاعة، وبسبب هذه العصمة لا يختلف خطاب الله تعالى للناس - إذا قدر أن يخاطبهم مباشرة بتكاليفه وأوامره - عن مخاطبته إياهم عبر النبي صلى الله عليه وآله به. والسر في ذلك هو وصول خطاب الله ذاته إلى الناس بسبب العصمة التي للنبي صلى الله عليه وآله.. وهذا يعني - من ثم - أن فقدانها في أولي الأمر يؤدي إلى التغيير بلا ريب، وهو ما لا يريده الله تعالى.
نظر الإمام الرازي يقول الفخر الرازي (1): " إن الله تعالى أمر بطاعة أولي الأمر على سبيل الجزم في هذه الآية. ومن أمر الله بطاعته على سبيل الجزم والقطع لا بد أن يكون معصوما عن الخطأ، إذ لو لم يكن معصوما عن الخطأ كان بتقدير إقدامه على الخطأ يكون قد أمر الله بمتابعة، فيكون ذلك أمرا بفعل ذلك الخطأ، والخطأ لكونه خطأ منهي عنه، فهذا يفضي إلى اجتماع الأمر والنهي في الفعل الواحد، وإنه محال.
فثبت أن الله تعالى أمر بطاعة أولي الأمر على سبيل الجزم، وثبت أن كل من أمر الله بطاعته على سبيل الجزم وجب أن يكون معصوما. فثبت قطعا أن أولي الأمر المذكورين في الآية لا بد أن يكونوا معصومين ".
ثم يدلف الرازي إلى تحديد أولي الأمر المعصومين هؤلاء، حسبما يرى ويظن، فيقول: " ثم نقول: ذلك المعصوم إما مجموع الأمة، أو بعض الأمة، لأنا بينا أن الله تعالى أوجب طاعة أولي الأمر في هذه الآية قطعا. وإيجاب طاعتهم قطعا ومشروط بكوننا عارفين بهم، قادرين على الوصول إليهم، والاستفادة منهم. وإننا نعلم بالضرورة أننا في زماننا هذا عاجزون عن معرفة الإمام المعصوم... ".
ولقد ذهب الرازي إلى أن أولي الأمر هم بعض الأمة، يتمثلون في أهل الحل والعقد