وصرح الحق عن محضه، وبانت معالمه.. و ﴿كل نفس بما كسبت رهينة﴾ (1).
خلاصة البحث إن الله سبحانه وتعالى ما أرسل رسوله محمدا صلى الله عليه وآله إلا لتبليغ الناس أمر الله تعالى وبيانه لهم، للعمل به على الأساس الذي يريده الله تعالى منهم. وكل ما كان خلاف ذلك فهو باطل يخالف أمر الله.
ولهذا لزم تبليغ الوحي الإلهي كما أراده الله تعالى، من غير انحراف في منهج الوحي أو تبديل لشئ منه. وقد تكفل الله تبارك وتعالى بعصمة نبيه الكريم وإنزال وحيه عليه.
كل ذلك بنحو لا يتيح أي منفذ للخطأ والتغيير فيه حتى يصل إلى البشر عن طريق النبي الأكرم ما أنزل الله إليهم، لتنظيم شؤون حياتهم في كل مناحيها، ولتحقق الغاية المقصودة من الدين.
ولما كان محمد صلى الله عليه وآله ميتا لا محالة، ومنصرفا عن هذه الحياة الدنيا، ولا بد للرسالة أن تستمر في هداية الناس إلى التي هي أقوم، ولا يتحقق ذلك إلا على أساس الوحي كما أنزل وطبقا لمنهج النبي صلى الله عليه وآله المعصوم في التبليغ.. كان لا بد من شخص يقوم بأداء وظيفة النبي صلى الله عليه وآله في نقل مضامين الوحي وتبيان كلام الله تعالى كما أراده سبحانه إلى الناس، لهدايتهم به إلى نفس الغاية التي لا يتم بلوغها إلا عبر معصوم. وإلا فسينحرف المسير بالوقوع في الخطأ وأهواء النفوس وهمزات الشيطان، فلا يصل الناس إلى الغاية التي أرادها الله لهم على أساس الإرادة الشريعية.
إذا، فلا بد من عصمة خليفة النبي صلى الله عليه وآله، ولهذا فأولو الأمر معصومون. وقد أقر الرازي ذلك وأشار إليه، كما عرفت.
ولما كان ليس في مقدور الناس معرفة المعصوم من البشر، وكان لا بد من أخذ الوحي وأحكامه من المعصوم هذا.. كان لا بد أن يعينه الله لهم، إذ ليس في استطاعة الناس معرفته.