كان من المنافقين، فالرجل كان واليا على الكوفة في زمان عثمان بن عفان. ونحن على استعداد لقبول عدالة الوليد هذا لو استطاع من ينسبها لكافة الصحابة إثبات ذلك له، وهيهات.
الفرار من الزحف وشماتة البعض يقول ابن هشام: " فلما انهزم الناس ورأى من كان مع رسول الله (ص) من جفاة أهل مكة الهزيمة، تكلم رجال منهم بما في أنفسهم من الضغن، فقال أبو سفيان بن حرب: " لا تنتهي هزيمتهم دون البحر "! وصرخ جبلة بن حنبل: " ألا بطل السحر اليوم " (1)! فأبو سفيان هذا صحابي معروف، فهل يلزمنا أن نقول إنه من العدول؟! أم كان جبلة محقا في اعتقاده ببطلان دين السحر يوم حنين؟! وعلى من كان ضغن وحقد أبي سفيان حتى دفعه إلى التفوه بهذا القول وإظهار ذلك السرور عندما شاهد هزيمة المسلمين؟!
على أنه لما تمت البيعة لعثمان وتولى أمر الخلافة دخل إليه بنو أمية، حتى امتلأت بهم الدار ثم أغلقوها عليه، فقال لهم أبو سفيان: أعندكم أحد من غيركم؟ قالوا: لا. قال:
" يا بني أمية، تلقفوها [يعني الخلافة] كتلقف الكرة، فوالذي يحلف به أبو سفيان ما من عذاب ولا حساب ولا جنة ولا نار ولا بعث ولا قيامة "! (1) وبهذا ينكشف لنا ضغن أبي سفيان، وهو الصحابي العدل ينكر البعث ويوم الحشر. وليتنا نعلم بمن يحلف أبو سفيان، وهل بعد إنكار البعث والجنة والنار يبقى شئ يحلف به أبو سفيان غير اللات والعزى؟! ورغم ذلك فقد نفي عنه الشك والخطأ والكذب وصار من عدول الأمة! والعياذ بالله من التقليد الأعمى.
إن فرار كثير من الصحابة يوم حنين وأحد، من المسائل التي لا تخفى على أحد، والفرار من القتال أمر منكر يؤدي إلى غضب الله وسوء المصير. يقول تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا