إذا، فالتقييد الذي جاء في الحديث ينافي الآية، ومن ثم فالحديث لا يتكلم عن الأئمة العدول أولي العصمة، لعموم وجوب طاعتهم، كما وضح.
ثم إن تقييد طاعة أولي الأمر بكون ما أمروا به ليس فيه معصية لله، يفرض قدرة الناس على تشخيص الخطأ من الصواب، بإقامة الدليل على ذلك من الكتاب والسنة..
وهذا لا يتوفر لكل إنسان، وأعلمية أولي الأمر وعصمتهم تنفي أمرهم بالمعصية.
فلو كانت طاعة أولي الأمر لا تجب إلا فيما وضح بالكتاب والسنة أنه حق وصواب للزم من ذلك أن يكون كل فرد ملما وعارفا بمفهوم ومعاني وتأويل وتفسير القرآن والسنة، وهذا ليس صحيحا. وعلى أقل التقادير سيؤدي ذلك إلى الاختلاف والنزاع في تحديد كون هذا الأمر خطأ أو صوابا. والاختلاف ممنوع قطعا، وسيؤدي إلى تعطيل التنفيذ، وقد يؤدي إلى فتح الثغرات لمعصية الإمام في كل ما يأمر به.
ولو فرض أن في استطاعة الجميع معرفة بعض الأدلة من ظاهر بعض الآيات لإثبات صحة وحقانية أو بطلان أمر الإمام.. فكيف تتم لهم معرفة الأدلة على صحة أو بطلان ما أمر به الإمام في المسائل التي لا تتضح إلا بالاستنباط والاجتهاد؟!
ونحن نعلم أن القدرة على الاستنباط والاجتهاد لتحصيل الأحكام ليست لكل أحد، بل ليست للغالبية. ومن هنا يكون هذا الأمر مختصا بهؤلاء العلماء الذين هم أولو الأمر، وورثة الأنبياء، ولا أحد يعلوهم في العلم والمعرفة.
فلو كان هذا الأمر مختصا بهم، والغالبية العظمى ليس لها إدراك ذلك.. فكيف يقنعون منهم بأن ذلك صواب وليس معصية؟! وكيف يقيمون لهم الدليل ويحتجون عليهم به على صحة أوامرهم، وعامة الناس لا يدركون شيئا من ذلك؟!
فإما أن يحملوهم على الأمر والنهي بالقوة والعنف، ولا يبقى حينئذ معنى لاشتراط وجوب الطاعة بكونه في غير معصية لله. أو يتركوهم عن تنفيذ الطاعة وأداء الواجب في ذلك.. وبهذا يذهب الأمر بطاعتهم أدراج الرياح.
فنحن إذا، محتاجون إلى التسليم لبعض أوامر أولي الأمر فيما لا ندركه، لفقداننا قدرة الاستنباط والاجتهاد. لكن التسليم في البعض وعدمه في البعض الآخر لا يتفق