ونسبة لهذه الأولوية في مقام القدوة والاقتداء، في جميع مناحي الحياة بلا استثناء، قال النبي صلى الله عليه وآله محذرا: " إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فلا تقدموهم فتهلكوا، ولا تقصروا عنهم فتهلكوا، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم ".
ويقول ابن حجر: " وفي قوله صلى الله عليه [وآله] وسلم: فلا تقدموها فتهلكوا، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم.. دليل على أن من تأهل منهم للمراتب العلية والوظائف الدينية كان مقدما على غيره " (1).
على أن قوله صلى الله عليه وآله: " ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم " إشارة إلى أعلميتهم الأزلية، وبالتالي تقدمهم الأزلي على غيرهم.. فلا ينتظر أن يتحقق لهم هذا التقدم لاحقا ثم به يتقدمون على غيرهم فيما بعد.
وبعد هذا كله.. كيف يمكن أن يتقدم أبو بكر وعمر على باب مدينة علم الرسول؟! أو كيف يتأتى لمعاوية أن يفوق الإمام الحسن في علمه؟! أو يبذ ابنه يزيد السكير الإمام الحسين علما ومعرفة؟!
فكيف تقدم هؤلاء على العلماء من عترة النبي سيد الأنبياء، والنبي يناديهم في أخراهم: " واجعلوا أهل بيتي منكم مكان الرأس من الجسد، ومكان العين من الرأس، ولا يهتدي الرأس إلا بالعينين " (2)؟!
فواعجبي من القوم! فبعد هذا كله تقدموهم وجعلوهم في سوقة الرعية، لا يؤتم بهم في دين، ولا يقتدى بهم في عبادة!! وإنا لله وإنا إليه راجعون.
إن أهل البيت أولو الأمر بلا مراء ولا جدال. إنه أمر حكم به النقل والعقل، ويحكم به العقل لو فقد النقل. ولكن لو ترك النقل وفقد العقل حكم لغيرهم الجهل..
وعندها لات ساعة مندم!
على أن العصمة التي يتمتعون بها، بل يلزم أن تكون لهم، تلك العصمة تبين هذا الأمر جليا وتحصر ولاية الأمر فيهم. وكل من نازعهم الأمر عبر التاريخ إنما هو قد أخذ .