مختصا بزمان دون زمان، أو مكان دون مكان، وإنما هذه مهمة ومسؤولية كانت على عاتقهم منذ أن أنزل الله تعالى قوله ﴿وأنذر عشيرتك الأقربين﴾ (1) فأراد الله بذلك إعدادهم لتلك المسؤولية التي انحصر القيام بها فيهم، استمرارا لمنهاج النبي صلى الله عليه وآله.
ثم إن هذه المسؤولية نالها أهل البيت في مقابل الالتزام الذي تأسس يوم عرض النبي صلى الله عليه وآله هذا الدين على عشيرته الأقربين، طالبا منهم العون والمؤازرة في مسؤولية القيام بتبليغه، على أن تكون لمن يلتزم المؤازرة والمناصرة الخلافة والولاية على الناس من بعد النبي صلى الله عليه وآله. فالتزم الإمام علي عليه السلام بذلك مؤسسا بالتزامه هذا مسؤولية عترة النبي الكريم الذين نشأوا وتربوا عليها أحسن تربية وأفضل تنشئة في كنف النبي صلى الله عليه وآله، يرفع إليهم كل يوم علما، إعدادا لهم واختصاصا بهذا المقام، باعتباره ثوابا وأجرا لما التزم به علي عليه السلام، مؤسسا بذلك المقام والمسؤولية الطبيعية لذريته من أبناء الرسول صلى الله عليه وآله.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله بعد أن جمع إليه أربعين نفرا من قريش من بني عبد المطلب: "...
يا بني عبد المطلب، إني والله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه، فأيكم يوازرني على أمري هذا، على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي من بعدي؟
فقام علي عليه السلام: " أنا يا نبي الله، أكون وزيرك عليه.
فأخذ رسول الله وقال: إن هذا أخي ووصيي، وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا... " (2).
إذا، فهذه الأولوية في تولي أمر المسلمين بعد النبي الأكرم أمر ثابت للعترة، ولا يجوز لأحد أن ينافسهم فيه وينازعهم. والقبول بهذا الالتزام لنيل هذا المقام هو إشارة واضحة إلى الإيمان والتصديق بنبوة محمد صلى الله عليه وآله.. فنالت ذلك العترة بالإيمان المبكر الذي شع في قلب سيدها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب. وهكذا ظل الأمر فيهم إيمانا خالصا لم تخالطه شوائب الشرك أو نزعات الشك التي أصابت البعض قبل إسلامهم وبعده.